بحـث
مواضيع مماثلة
المواضيع الأخيرة
الجزء الثالث الولاء بين اليهود و النصارى
القادمون من المريخ :: المهم :: منوعات :: مجتمع :: دين :: كتاب زوال اسرائيل حتمية قرأنية
صفحة 1 من اصل 1
الجزء الثالث الولاء بين اليهود و النصارى
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الولاء بين اليهود والنصارى
من هذا السرد التاريخي للعداء اليهودي النصراني يتضح بما لا يدع مجالاً للشك انه لم يحدث ولاء بين اليهود والنصارى عبر التاريخ، وانما حدث العكس من ذلك: العداوة والبغضاء، ويشير القران الكريم الى ذلك ويقرر ان العداوة قائمة بين اليهود والنصارى. ففي سورة الصف (الآية 13) يقول الله تعالى: (يا أيها الذين امنوا كونوا أنصار الله كما قال عيسى بن مريم للحواريين من انصاري الى الله، قال الحواريون نحن أنصار الله، فآمنت طائفة من بني اسرائيل وكفرت طائفة، فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين) والذين آمنوا هم الذين أصبحوا «نصارى» والذين كفروا هم الذين استمروا على يهوديتهم.
وتقرر الاية انهم منذ ذلك الحين أصبحوا أعداءاً وان الله سبحانه وتعالى قد أيد النصارى على اليهود فأصبحوا ظاهرين عليهم مسلطين. وكذلك يقول الله تعالى في سورة البقرة (الآية: 113) (وقالت اليهود: ليست النصارى على شيء، وقالت النصارى: ليست اليهود على شيء، وهم يتلون الكتاب).
ولكننا نجد أن الآية (50) وما بعدها من سورة المائدة تقرر ان هناك ولاءاً بين اليهود والنصارى، وتحذرنا من أن نتخذ اليهود والنصارى أولياء… فكيف يمكن التوفيق بين الذي جاءت به آيات القران، والتي تقرر العداوة بين اليهود والنصارى، وكذلك الواقع التاريخي للعداوة المستمرة بين اليهود والنصارى… وبين الولاء الذي تتحدث عنه الآيات (50) وما بعدها من سورة المائدة والتي يقول الله فيها: (يا أيها الذين آمنوا لاتتخذوا اليهود والنصارى اولياء، بعضهم اولياء بعض، ومن يتولهم منكم فانه منهم. ان الله لايهدي القوم الظالمين. فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم، يقولون: نخشى ان تصيبنا دائرة، فعسى الله أن يأتي بالفتح او امر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين. ويقول الذين امنوا: أهؤلاء الذين أقسموا بالهل جهد أيمانهم: انهم لمعكم، حبطت اعمالهم، فأصبحوا خاسرين. يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه، فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه، أذلة على المؤمنين، أعزة على الكافرين، يجاهدون في سبيل الله، ولايخافون لومة لائم، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله واسع عليم، انما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا، الذين يقيمون الصلاة ويؤتمون الزكاة وهم راكعون، ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا، فان حزب الله هم الغالبون).
فالقران يتحدث في هذه الايات عن ولاء وتناصر بين اليهود والنصارى. والآية (113) التي أشرنا اليها من سورة البقرة والآية (13) من سورة الصف، تتحدثان عن خلاف وعداء بين اليهود والنصارى، والواقع التاريخي الذي سردنا قسما منه يؤكد هذه العداوة والبغضاء بين اليهود والنصارى. وهذا في ظاهره تناقض، ومعاذ الله ان يتناقض كتاب الله، اذن لابد ان آيات المائدة التي نحن بصدد تفسيرها، تتحدث عن فترة زمنية آتية بعد نزول الآيات. فهي لا تصف واقعاً في حين نزولها، اذ لم يكن في حين نزولها ولاء بين اليهود والنصارى في جزيرة العرب، او في أية بقعة من بقاع العالم، فالنبي، صلى الله عليه وسلم، حين نقض اليهود العهد في المدينة قاتلهم منفردين في المدينة وفي خيبر وتيماء ولم يحدث لهم مساعدة وتناصر وموالاة من النصارى، اذ لم يكن في المدينة وما حولها نصارى، وكذلك لم يكن في مكة يهود ولانصارى.
ولما اقتضى ان تحمل الدعوة الى خارج الجزيرة، خرج الجيش المسلمين فقاتل النصارى في ديار الشام لأول مرة في معركة مؤتة، اذن هذه الآيات هي من آيات الغيب التي تتحدث عن فترة زمنية قادمة يعاون فيها اليهود والنصارى، ويوالي بعضهم بعضاً للتآمر على المسلمين. وهذه الآيات التي أخبرت عن مستقبل آت هي من قبيل قوله تعالى في سورة الروم (الآيات 1-6): (آلم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين. لله الأمر من قبل ومن بعد. ويومئد يفرح المؤمنون بنصر الله، ينصر منيشاء، وهو العزيز الرحيم، وعد الله، لايخلف الله وعده، ينصر من يشاء، وهو العزيز الرحيم، وعد الله، لايخلف الله وعده، ولكن أكثر الناس لايعلمون). وهي من قبيل قوله تعالى في سورة النور (الآية 55): (وعد الله الذين آمنوا منكمن وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم، وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم امنا، يعبدونني لايشركون بي شيئا، ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون)
وبالفعل انتصرت الروم بعد فترة وجيزة على الفرس كما وعد الله في كتابه، وبالفعل حقق الله وعده للمؤمنين فأصبحوا خلفاء الأرض يعمرونها، وأصبح دينهم هو الدين المسيطر، وأصبحوا يعيشون في أمن وطمأنينة في بلادهو وفي كل بلد دخلها الاسلام.
القرآن يتحدث عن المستقبل
ولما كان القران هو كتاب الله الخالد الى يوم القيامة، ويتحدث عن مسيرة البشرية الى ان تلقى ربها، فمن البديهي ان يشير الى الاحداث الكبرى في صراع المسلمين مع أعدائهم من اليهود والنصارى، وكم من الآيات التي نقرأها اليوم فنقف امامها خاشعين لانها ترسم صورة المجتمع الذي نعيشه، كقوله تعالى في سورة الانعام (الآية 64) (قل هو القادر على ان يرسل عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم، او يلبسكم شيعاً ويذيق بعضكم بأس بعض، انظر كيف نصرف الايات لقوم لعلهم يفقهون). اليست هذه الاية واحدة من الآيات التي ترسم صورة ما عانته الأمة وما تعانيه من فئات متبانية وأحزاب متلاعنة وحروب محلية واستعمال للطائران والقنابل والالغام والمدافع بين الفئات المتحاربة من الأمة الواحدة. هذه الأسلحة الحديثة (من فوقكم ومن تحت أرجلكم) لم تكن معروفة وقت نزول هذه الآيد، وهذا يدل على آن هذا القران هو معجزة الله الخالدة ينبه الأمة لأن تسير طريقها السوي وتمشي صراطها المستقيم والا حل بها عذاب في دنياها مصداقاً لقوله تعالى في سورة السجدة (الآية: 21) (ولنذيقنهم من العذاب الادنى دون العذاب الاكبر، لعلهم يرجعون). وحينما نقرآ اية اخرى من هذه الآيات التي تتحدث عن فترات زمنية قادمة بعد نزولها ترمض فيها الامة مرضا ماديا، فتنصرف الى التمتمع بالملذات والجري وراء الشهوات والانغماس في الرذائل وذلك نتيجة انصرافها عن عباة الله وعن الجهاد والذكر، وكيف ان ذلك سيؤدي بها الى الهلاك والدمار، لان الترف دائماً يمزق الامم ويهدم الحضارات لأنه يفقد الامة صلابتها ويقتل روح التحدي فيها فتستريح من تعب الجهاد وتنام مسترخية فيدب في جسمها التفسخ وذلك حينما تعرض عن الجهاد وعبادة الله التي خلقت من أجله، يقول تعالى في سورة الانعام (الايتين 44-45) : (فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى اذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فاذا هم مبلسون، فقطع دابر القوم الذين ظلموا، والحمد لله رب العالمين)
أرأيت الى الصورة الاعجازية. الربانية كيف ترسم الواقع الذي تعيشه البشرية الان التي أعرضت عن الله فلم تتوقف بينها الحروب المدمرة. ففي هذا القرن وقع حربان عالميتان اصابت شرورهما الانسانية جمعاء. وفي هذا القرن اندلعت كثير من الحروب المحلية المحدودة التي دمرت البلدان الت اشتركت فيها، وفي هذا القرن، حيث اعرضت الانسانية عن ربها نهائيا، كثرت الزلازل والفيضانات وحوادث الصقيع والجليد التي يعطي الله بها الإنذارات للبشرية علها تعقل. الم تر الى نيويورك، وهي اكبر عاصمة مادية في الكرة الارضية، كيف نهبت في ليلة واحدة حينما سادها الظلام نتيجة لانقطاع التيار الكهربائي قبل بضع سنين.
والقوتان العظميان تحشدان الأسلحة النووية الفتاكة والأسلحة الجرثومية تتفننان في اختراع ما يؤدي الى هلاك البشرية، وهما في نفس الوقت يدعوان الى الالحاد وينشران الفساد فأعرضت البشرية تحت توجيههما عن ذكر الله. فهل يحدث خطأ مقصود او غير مقصود فتخرج هذه الأسلحة المخزونة من عقالها لتدمر البشرية.
ونحن في العالم الاسلامي بدأنا نلحق بالبشرية الضالة. نلهث وراء الموضة ونقلد، بوعي وبدون وعي. نأكل ما يأكل الكفار ونلبس ما يلبسون ونشرب ما يشربون من حلال او حرام وأخذنا ننصرف عن الوحي، عن القرآن والسنة، وفي هذه الحقبة الزمنية فتح الله على البشرية ابواب كل شيء بحيث أصبحت الحياة سهلة ميسورة لا مشقة فيها ولا عنت . الطعام يأكله الإنسان شبه مهضوم، واللباس يشتريه مخيطا وكل يوم لباس جديد وموضة جديدة. وجاءت السيارات وتبعتها الطائرات وتطورت وسائل المواصلات حتى صغرت الكرة الأرضية وأصبحت في تناول الإنسان يرتادها في يومين او ثلاثة أو في يوم أو في بعض يوم. وجاءت الكهرباء ومشتقاتها آلة تطبخ وأخرى تغسل وثالثة تنظف ورابعة تكوي وخامسة وسادسة الى ما لا يعد ولا يكاد يحصى. وفتنن الناس في بناء القصور وزخرفتها ، واصبح الديكور في البيت يكلف أكثر من البيت نفسه ، ورأينا في عواصمنا نحن المسلمين بيوتا تبنى يسكن فيها زوجان يكفي ثمن الواحد منها لاطعام قرية جائعة. وأصبح التفاخر بالاثاث الفاخر والديكور وبرك السباحة مجالا للفرح والتيه. فهل رأيت كيف تصف هذه الآية من القران الكريم الواقع الذي نحياه الان، وان هذا الترف اللامعقول واللامقبول سيؤدي الى تدمر الحضارة الغربية بوجهيها الاشتراكي والرأسمالي. واننا نحن في المنطقة الاسلامية ونحن في معركة مع عدونا، وهي معركة بقاء او فناء، كيف نستسيغ لأنفسنا العيش في هذا الترف القاتل وبناء هذه القصور. وان بعض الاحياء السكنية في بعض العواصم العربية فيها من القصور والديكور والتفنن المعماري ما لا يكاد يوصف مع انها في كل لحظة تحت رحمة صواريخ العدو وطائراته بل ومدفعيته، والله يهددنا ان لم نتعظ فانه سوف يأخذ هذا الترف كله ويفنيه، ونعيش بعدها ملبسين في يأس وقنوط.
ولقد حقق الله المثل الذي ضربه في القرية التي كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان . وتتمثل هذه الصورة اليوم في بيروت التي كانت مثالاً للحياة المتفسخة، لا تنام الليل وتلهث في النهار. انهارت فيها القيم واختلط الحابل بالنابل والنجاسة بالطهر، والكفر بالايمان والعهر بالاستقامة، والرجولة بالميوعة، حتى لم تعد تميز بين خير وشر وحلال وحرام، ولا تعرف المسلم من غير المسلم، يلهث وراء اللذة ويشبع جوعه المعدة وجوع الجنس بأي وسيلة وكيفما اتفق.
وفجأة فاذا بيروت تعيش الخوف والجوع ويهلكها العهر ويمحقها الربا. فكل تجارة بيروت وعماراتها وأسواقها قائمة على الربا. ولما كان القرآن قرر ان الربا ماله المحق، فاجتمع في بيروت الترف والكفر والربا وكلها عوامل الدمار لأي مدينة في الأرض. ولنتدبر الآيات المعجزات:
(واذا أردنا ان نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها، فحق عليها القول، فدمرناها تدميرا)(16: الاسراء).
(يمحق الله الربا ويربى الصدقات، والله لا يحب كل كفار أثيم) .(276: البقرة)
(وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة، يأتيها رزقها رغداً من كل مكان، فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون) (112: البقرة)
ولسائل ان يسأل: هل بيروت وحدها التي أسرفت وكفرت ورابت! والجواب هو: ان عواصم الغرب الكبرى دمرت في خلال هذا القرن مرتين، مرة في الحرب العالمية الاولى والأخرى في الحرب العالمية الثانية، ولا ندري هل سيبقى منها أثر في الحرب العالمية المقبلة ام لا… وبهذا يتبين ان آيات القرآن المتعلقة بمسيرة البشرية لا يصح ان تفسر تفسيرا تاريخياً فقط، كآيات الاسراء المتعلقة ببني اسرائيل وبعلوهم وفسادهم. وقد بينت في تفسيرها ان المرتين بعد نزول القرآن وليس قبله.
وبهذا السرد للآيات القرآنية التي تتحدث عن المستقبل، أردت ان اوضح ان معنى آيات المائدة في الموالاة بين اليهود والنصارى هو مستقبلي، وان التحدث عن المستقبل في علاقات المسلمين مع اليهود والنصارى. وان تآمر اليهود والنصارى مجتمعين على المسلمين وأرض الاسلام، والأرض المباركة هو بعض ما جاء به القران الكريم.
تحقق الموالاة بين اليهود والنصارى في بداية القرن العشرين
ونعود الى الاية وتفسيرها: (يا ايها الذين آمنوا لاتتخذوا اليهودم والنصارى اولياء بعضهم اولياء بعض) (51: المائدة). وقد بينا آنفا انه لم تحدث موالاة بين اليهود والنصارى منذ ان جاء عيسى عليه السلام بالنصرانية الى بداية القرن العشرين وان العداء هو الذي كان بينهم، ولكن فجأة تحدث الموالاة والتناصر بينهم، وينسون الاحقاد التي كانت العلامة المميزة للعلاقات بينهم… فقد تعاونوا في أول القرن على عزل السلطان المظلمون عبد الحميد، حين رفض ان يعطي اليهود امتيازات في فلسطين. وكان اليهود في المؤتمر الصهيوني الاول الذي عقدوه بمدينة بال بسويسرا سنة 1897 قد اتخذوا قراراً بالاستيطان في فلسطين التي كانت جزءاً من الدولة الاسلامية العثمانية. وذهبت رسلهم الى مقابلة السلطان في استانبول ومن الذين ذهبوا لمقابلة السلطان: اليهودي قره صو افندي ورئيس المؤتمر الصهيوني هرتزل. وقد عرض هؤلاء على السلطان في بادئ الامر ان يسدد اليهود ديون الدولة العثمانية وان يخضوا السلطان بخمسة ملايين ليرة عثمانية ذهباً. ولكن السلطان، الذي كان على وعي تام بمخططات الكفار ضد بلاد المسلمين وكان يحذر الواعين من الأمة من هذا التامر، رفض العرض.
وظن اليهود ان الأمر يتعلق بقلة المبالغ التي عرضوها فأخذوا يرفعون الرشوة حتى بلغت الآتي:
تسديد ديون الدولة العثمانية، وتعمير الأسطول العثماني، ومبلغ مئة وخمسين مليون ليرة ذهبا للسلطان شخصياً… ولكن السلطان المسلم، أخبرهم بأن حفنة من تراب الارض المقدسة تساوي اموال اليهود التي في الدنيا. فقرر اليهود ان يتخلصوا منه فتعاونت المحافل الماسونية مع الحركة القومية الطورانية واليهود الدونمة (الذين أظهروا الاسلام وأبطنوا الكفر) مع النصارى وتم عزل السلطان سنة 1909 ونفي الى سالونيك وأهين وعذب وشوهت سمعته.
وكان اليهود قد تعاونوا مع الانجليز في اثناء الحرب، وكان وايزمان اليهودي عالماً كيماوياً فاستغل مخترعاته في أثناء الحرب، وكذلك البيوتات المالية اليهودية، مثل روتشيلد، استغلت حاجة بريطانيا لمخترعاته وأموالهم. وكانت بريطانيا لا تزال العدو الاول للمسلمين فأعطت اليهود وعد بلفور في 2 نوفمبر 1917، وكان ذلك اثناء الحرب وباتفاق مع امريكا، وينص الوعد على انشاء وطن قومي لليهود في فلسطين وكان هذا أول تعاون بارز بين بريطانيا النصراينة واليهود.
وبعد الحرب العالمية الاولى انشئت عصبة الامم، وفي سنة 1992 اعطت حق الانتداب لبريطانيا النصرانية على فلسطين لتضع البلاد اقتصاديا وثقافيا وعمرانيا وسياسيا في وضع يتحقق منه انشاء الوطن القومي اليهودي. وبالفعل قامت بريطانيا النصرانية بهذا الامر شر قيام. فعينت اول مندوب سام لها في فلسطين من اليهودوهو هربرت صمويل.
استمر هربرت صمويل مندوبا ساميا في فلسطين لمدة ست سنوات، وضع فلسطين خلالها في وضع يساعد على انشاء الوطن القومي لليهود، فسن قوانين اباحة الهجرة اليهودية وتغاضى عن الهجرة اليهودية «غير الشرعية»، وفرض ضرائب باهظة على الارض حتى يضطر الفلاح العربي المسلم الى بيعها، وأباح استيراد القمح من استراليا وبيعه بأرخص من القمح الذي تنتجه ارض فلسطين، وحتى لاتقوم الارض بتكاليفها وتكاليف معيشة الفلاح. ومع هذا فان هذه السياسة لم تنجح في ان يبيع اهل فلسطين ارضهم وبقوا متشبتثين بها، بالرغم مما يقوله أعوان اليهود وسماسرة الحكام من أمثال المدعو انيس منصور رئيس تحرير مجلة (اكتوبر) المصرية الذي قال، بكل وقاحة، ان اليهود اشتروا فلسطين شبراً شبراً، حتى يبرز ليسده المرتد مناداته ببقاةء دولة اليهود في فلسطين. والواقع هو أن اليهود كانوا يملكون من أرض فلسطين 2 في المائة حتى سنة 1918 وحتى 1948 كان مجموع ما ملكه اليهود من فلسطين 5.8 في المائة حسب احصائية الامم المتحدة. ولم يكن ال 3.8 في المائة بيعاً من أهل فلسطين وانما كان من الأراضي التي تملكها الدولة وأعطاتها بريطانيا النصرانية لليهود، وبعض العائلات الاقطاعية التي كانت تمتلك قسما كبيراً من شمال فلسطين وكانت تقيم في لبنان، ومنها عائلة سرسق وعائلة سلام، باعث أرضها لليهود.
مقاومة الشعب الفلسطيني
واخذ الشعب في فلسطين يقاوم سياسة التهويد ويتشبث بأرضه، فقام بالثورات المتلاحقة فكانت ثورة سنة 1921، وثورة سنة 1929 حينما ادعى اليهود ملكيتهم لحائط البراق وانه من بقايا هيكل سليمان، ثم ثورة سنة 1933 ثم الثورة الكبرى من عام 1936 الى 1939، حيث قام الشعب كله يصارع بريطانيا واليهود يضرب المثل للدنيا في التضحية والفداء، وقدم آلاف الشهداء وتعرض للتعذيب في السجون والمعتقلات. وعاش الناس في ارهاب ولكن روح التحدي فيهم كانت عالية لمتستطع بريطانيا اقتلاعها أو تدميرها بالرغم من المشاكل. وفي هذه الاثناء انشأت بريطانيا جيشا لليهود، اخذت تدربه وتسلحه بام حرس المستعمرات (الهاغاناه). وكاه هذا الحرس هو النواة الحقيقيد لجيش دولة اليهود فيما بعد. وكل رؤساء الأركان فيما يسعى بجيش الدفاع اليهود منذ سنة 1948 هم من ضباط هذا الفريق اليهودي مثل ديان، وآلون، ويادين وغيرهم.
وهكذا عملت بريطانيا النصرانية باعطاء اليهود كل ما يريدون وكثر مما يريدون، وأسست لهم دولة في أرض الاسلام واستمر التعاون بين اليهود والنصارى في هذا القرن، فأصدرت هيئة الامم النصرانية، وريثة عصبة الامم - والتي أسسها الحلفاء المنتصرون لتقسيم مناطق النفوذ فيما بينهم - قراراً بانشاء دولة اليهود في فلسطين عام 1947.
وتسابقت الدول النصرانية الكبرى على الاعتراف بهذه الدويلة، فتفتخر امريكا النصرانية، وريثة بريطانيا النصرانية في عداء المسلمين، بالاعتراف بهذه الدولة بعد انشائها باحدى عشرة دقيقد، وكانت روسيا الدولة الثانية ونالت «الفخر» بهذا الاعتراف السريع، مع ان هذا الاعتراف يخالف مبدأها الشيوعي الذي تقوم عليه وهو (الأممية) ومحاربة (العنصرية) كما يزعمون… الا ان العداء للإسلام جمع بين اطراف الكفر المتناقض الذي هو كقطعة العملة الواحدة ذات الوجهين.
وتوالت اعترافات الدول النصرانية بدولة اليهود. وبعد ذلك اخذت الدول النصرانية تلهو بالمسلمين وبحكامهم فتصدر قرارات في هيئة الامم المتحدة تبين حقوق الفلسطينيين بأرضهم وتطالب بعودتهم وبتنفيذ قرارات التقسيم. والحكام الذين والوا اليهود والنصارى، والذين هو من صناعة اليهود والنصارى، اعجبتهم اللعبة والعبث الذي يجري بهم وبأمتهم، فكلما اجتمع حاكم الى حاكم أصدرا بيانا يطالبان فيه بتنفيذ قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بفلسطين والتي أصبحت لاتعد ولا تحصى.
واستمر التعاون بين اليهود والنصارى حتى كان العدوان الثلاثي على مصر المسلمة حيث اشتركت جيوش نصرانية (فرنسية وبريطانية) مع جيش يهودي في الهجوم على مصر سنة 1956. وهذا لأول مرة في التاريخ.
وفي الستينات من هذا القرن بلغ التعاون ذروته باعلان البابا تبرئة اليهود من دم المسيح - حسب زعمهم - حتى لا يتأثر النصارى المتدينون حينما تسقط مقدساتهم في أيدي اليهود الذي صلبوا المسيح - حسب زعمهم… وبلغ الامر ذروته بتعاون الكثير من نصارى لبنان خاصة الموارنة منهم بكل وضوح وبكل وقاحة مع اليهود وحيث يقاتلون المسلمين في خندق واحد.
ومن العجيب الغريب ان دولة لبنان النصرانية بقيت فترة طويلة تقوم بدفع مرتبات جنود الخائن سعد حداد بالرغم من تعاونهم العلني مع اليهود. وهذه الاموال من دافعي الضريبة المسلمين، ومن مساعدات دول البترول - التي سكانها مسلمون - فكيف حدث هذا؟ او كيف يحدث هذا؟ انه الكفر وأعوانه يفعلون ما يريدون.
وأما ما قاله الطبري وغيره من المفسرين في قوله تعالى (بعضهم اولياء بعض) فانه علل ذلك بان اليهود انصار بعضهم البعض ويد واحدد على جميعهم، وان النصارى كذلك. وهذا القول مردود بالقرآن وبالواقع التاريخي لأن القران يقرر ان النصارى مختلفون الى يوم القيامة وبينهم العداوة والبغضاء، فلا يمكن ان يكونوا يداً واحدة لان الله تعالى يقول في سورة المائدة (آية 14) (ومن الذين قالوا: انا نصارى، أخذنا ميثاقهم فنسوا حظاً مما ذكروا به، فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء الى يوم القيامة، وسوف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون).
ولذلك، منذ ان انقسم النصارى الى طوائف، والعداوة قائمة بينهم على اشدها… فالكنيسة الشرقية (الأرثوذكس)، التي مقرها اسطنبول، لا تعترف بالكنيسة الغربية (الكاثوليك او اللاتين) التي مقرها روما، وبابا روما لا يعترف ببابا اسطنبول. وقد انقسمت الكنيسة الغربية وانفصلت عنها حركة التجديد الديني (البروتستانتية) التي تزعمها مارتن لوثر كنج والتي تتمثل في الكنيستين الانجليزية والألمانية… فلا يعترف البروتستانت بالبابا ولا يعترف البابا بالابروتستانت فهو يعتبرهم خارجين عن الكنيسة (هراقطة) وهم يعتبرونه مرتينا لانه يؤمن بالتماثيل والصور. والصراع الدموي بين البروتستانت والكاثوليك في ايرلندا الشمالية، القائم على اساس ديني والذي لم يهدأ منذ سنوات طويلة، يعطي صورة واضحة عن عداوة النصارى بعضهم مع بعض، والحروب بين دول اوروبا النصرانية لم تتوقف عبر التاريخ. فما من دولة أوروبية الا وحاربت جارتها النصرانية، وكثيراً ما كان العامل الديني المذهبي هو المحرك في هذه الحروب.
واليهود كذلك ليس بعضهم اولياء بعض بنصر القران الكريم، فكما أوقع الله العداوة بين النصارى بعضهم مع بعض، أوقع العداوة بين اليهود بعضهم مع بعض والى يوم القيامة… قال الله تعالى (64: المائدة) (وقالت اليهود: يد الله مغلولة، غلت أيديهم ولُعِنوا بما قالوا، بل يداه مبسوطتان، ينفق كيف يشاء، وليزيدن كثيراً منهم ما أنزل اليك من ربك طغيانا وكفرا، وألقينا بينهم العداوة والبغضاء الى يوم القيامة، كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله، ويسعون في الأرض فسادا، واللّه لا يحب المفسدين)… ويقول الله تعالى ذكره في سورة الحشر (الآية 14): (لايقاتلونكم جمعياً الا في قرى محصنة او من وراء جدُر، بأسهم بينهم شديد، تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى، ذلك بانهم قوم لايعقلون)
والمتتبع لأحوال اليهود في الارض المغتصبة يجد مدى انطباق هذه الآية وصدقها على المجتمع اليهودي في فلسطين. فالاحزاب اليهودية حوالي ثلاثين حزبا من أقصى اليسار الشيوعي المتطرف الملحد الى اقصى اليمين الصهيوني المتحجر. والاحزاب تتناحر بعنف. والمجتمع اليهودي مجتمع عنصري طبقي مخيف. فالحياة الرغيدة هي لليهود الاوروبيين، والذين هم من أوروبا الشرقية خاصة، مثل روسيا وبولونيا. هؤلاء هم أصحاب السلطة في الدولة. فكل الزعماء الذين اقاموا دولة اليهود وحكموها تقريبا. منهم من أمثال غولدا مائير وبن غوريون وشرتوك وآلون وديان وبيغن. وهؤلاء اعطوا الامتيازات لأنفسهم وبقية اليهود الذين جاؤا الى فلسطين من أوروبا وأمريكا، اما اليهود الشرقيون الذين هم ليسوا من دول أوروبا وأمريكا فهم مواطنون من الدرجة الثانية او الثالثة فهم وقود الحرب ويعيشون في أدنى درجات السلم الاجتماعي.
الفئة التي والت اليهود والنصارى وأصلها مؤمن
وتتحدث الايات محذرة المؤمنين من أن يوالوا اليهود والنصارى وقد قال ابو جعفر الطبري في تفسير قوله تعالى: (ومن يتولهم منكم فانه منهم): ومن يتول اليهود والنصارى دون المؤمنين فانه منهم، فان من تولاهم ونصرهم على المؤمنين فهوم من أهل دينهم وملتهم، فانه لايتولى متول احداً الا وهو به وبدينه مؤمن وما هو عليه راض واذا رضيه ورضي دينه فقد عادى ما خالفه وسخطه وصار حكمه حكمه.
وبالفعل حينما بدأت الموالاة بين اليهود والنصارى، تمهيداً لاقامة دولة اليهود في أول هذا القرن، كان اليهود والنصارى قد مهدوا الطريق لهذا الامر بانشاء الجمعيات والنوادي وقد وأدخلوا فيها في بادئ الامر أبناء النصارى واليهود فقط ولكن ذلك لم يؤد الى الغرض المقصود اذ انهم يستهدفون الاسلام والمسلمين، فأدخلوا ابناء المسلمين في تلك الجمعيات والنوادي فيما بعد. وكانت الدولة العثمانية - دولة الخلافة - قد أصبحت الرجل المريض، وانشأوا المدارس الغربية في ديار المسلمين ونشروا الثقافة الغربية، وبلغ هذ الأمر ذروته بانشاء الجامعة الامريكية في بيروت، هذه الجامعة التي خرجت كثيراً من الساسة والحكام العرب الذين ساهموا في قيام دولة اسرائيل فيما بعد. وقد ذهب نفر من ابناء الأثرياء من المسلمين لتلتقي العلم في أوروبا في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين ورجعوا من الغرب مفصولين عن فكرهم الاصيل، وبدأوا يدعون الى القوميات ويعادون الاسلام الذي لايميز بين بني البشر الا بالتقوى. وبدأ الغرب الصليبي المتعاون مع اليهود ينشئ جمعيات لهؤلاء الشباب القومي كجمعية الاتحاد والترقي في تركيا لأبناء الأتراك، وجمعية العهد لأبناء العرب وكان مقرها باريس.
وتعاون دعاة القومية مع اليهود والنصارى على هدم دولة الخلافة: الأتراك يدعون الى القومية الطورانية وفرضها على الشعوب التي تتكون منها الدولة الاسلامية، والعرب يدعون الى القومية العربية العلمانية والتخلص من حكم الدولة العثمانية. وكان السلطان عبد الحميد، قد فهم اللعبة فقاوم ما وسعته المقاومة، وكان قد ورث الدولة العثمانية وهي شبه منعزلة، ولكنه استمر يناور دول الغرب ثلاثين عاما حتى استطاعوا ان يتغلبوا عليه في النهاية فعزل عام 1909، وكان عزله تمهيداً لقيام دولة اسرائيل في فلسطين. وقد تعاون القوميون على عزلة فكانت «الثورة العربية الكبرى» والتي قامت لتخليص العرب من الدولة العثمانية. ثم جاء أتاتورك الذي حاول هو، وخلفاؤه من بعده، ان ينزعوا تركيا من الاسلام او، بالأحرى، ان ينزعوا الاسلام من تركيا. ولكن الشعب التركي المسلم بدأ يعود حياته متمكساً بدينه وقد فشلت مخططات تكفيره، ثم جاءت الحركات القومية الثورية، والاحزاب الاشتراكية، والمساونيون، وكلهم تعاونوا مع اليهود والنصارى بشكل او باخر، وكلهم ساهموا في قيام دولة اليهود فأبعد الاسلام عن الساحة نهائياً… وذلك لان دولة اليهود نجسة لا يمكن ان تقوم في ارض طاهرة يحكمها الاسلام، فلا بد من حكومات نجسة فكرياً حتى تقوم دولة لليهود من خلالها. فكان الفكر الذي سيطر على الأرض الاسلامية فكر أباح الزنا ودواعيه وأباح الخمر وشجع عليه وأباح القمار وأنشأ له نواد، وأباح الربا وأسس له مؤسسات ضخمة تأكل اموال الناس بالباطل، وحورب الاسلام ورجال الاسلام حربا لا هوادة فيها فجعلوا من الاسلام عنواناً للتخلف الحضاري والتخلف العقلي. وصدق الله العظيم حين قال في سور المطففين (الآيات 29-33): (ان الذين اجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون، واذا مروا بهم يتغامرون، واذا انقلبوا الى أهلهم فكهين، واذ رأوهم قالوا: ان هؤلاء لضالون وما أرسلوا عليهم حافظين).
ومن ضمن الخطة التي لمحاربة الاسلام، وحتى تقوم دولة اسرائيل، ان حورب علماء الاسلام في أرزاقهم وأصبح ينظر اليهم على انهم طبقة «غير منتجة» مادياً وانهم عالة على مجتمعهم، ونتج عن هذا مزيد من التفكك في المجتمع ومزيد من التآكل في الأسرة، ومزيد من الميوعة، وانقلب ميزان الفضائل، فأصبح التقدم يعني الانحلال وأصبح الرقي يعني الثورة على الفضيلة وأصبح الكرم يعني ان تكرم بعرضك. وأبعد كل ما له علاقة بالاسلام عن الساحة حتى الكلمات التي لها علاقة بالاسلام منع استعمالها في المعركة ، فكلمة «الجهاد» مثلا استبدلت بالكفاح والنضال وكلمة الكفار استبدلت بالاستعمار، وكلمة اليهودية استبدلت بالصهيونية حتى تطمس الاصطلاحات الإسلامية والاسلام نهائيا. وبدلا من أن يكون الولاء لله ولرسوله وللمؤمنين أصبح الولاء للقائد والحاكم والحزب وللفكر الكافر. والاسلام ربى المسلمين على ان يكون ولاؤهم لله ولرسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، ولكنه منعهم من أن يربطوا الإسلام بشخصه الكريم، ولذلك حين خرجت الإشاعات في معركة أحد أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قد قتل اصاب الوهن نفوس بعض الصحابة، رضوان الله عليهم، واعتقدوا ان الإسلام قد انتهى بموت رسول الله ، صلى الله عليه وسلم فأنزل الله مؤدبا للمؤمنين ومعلماً لهم: (وما محمد الا رسول، قد خلت من قبله الرسل، أفإن مات او قتل انقلبتم على أعقابكم، ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين). (144: آل عمران) وهكذا ركز القران الكريم في آيات عديدة على بشرية محمد، صلى الله عليه وسلم، ويقول تعالى مؤكداً على بشرية نبيه، خوفا من أن يؤلهه الناس: (قل: انما انا بشكر مثلكم يوحى الي انما الهكم اله واحد) (110: الكهف)، فيقول الرسول، صلى الله عليه وسلم: (لاتطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم انما أنا عبد الله ورسوله). وكان الرجل يدخل على مجلس النبي، صلى الله عليه وسلم، فيسأل: أيكم محمد؟ حيث كان لا يتميز عن أصحابه بلباس او مجلس…
ولكننا رأينا، في زمننا هذا، ان الزعيم مقدس وان الحاكم لايخطئ. فمؤسس الحزب ينظر له بقداسة. ولقد استغل بعض الساسة والزعماء هذا الامر فأخذوا يستهزئون بالشعوب ويتلاعبون بالعقول والناس تلهث وراءهم تصفق بأيديها وتهتف بحناجرها، وعقولها في إجازة، والزعيم يلعب بالعواطف. يجعل الأبيض أسوداً والأسود ابيضاً ثم يعود البياض الى بياضه ثم يعود مرة اخرى سواده وهو هو لم يتغير. فلطل الأمس خائن اليوم، وفجأة تقتضي مصلحة الزعيم ان يعود هذا البطل الى خيانته، ثم يعود مرة اخرى الى بطولته، والجماهير تتبع رأي الزعيم لاتسأله: لم غير وكيف بدل؟ انه آمن لولائها بعد ان افقدها وعيها. وهكذا سابق أصحاب الشعارات، المتجردين من الاسلام، الامة الى الهزائم المتلاحقة والنكبات المتتعابة بعد ان رضوا ان يكونوا حكاماً على الدويلات الممزقة والتي صغر بعض منها فأصبح على مستوى الحارة، وانبعض الاحياء في العواصم الكبرى عدد سكانها اكبر بكثير من عدد سكان بعض تلك الدويلات التي لها اعلام وسفارات وسلام رسمي، وهي أعضاء في هيئة الأمم، كذلك، بجانب الدول الكبرى التي تتحكم في مصائر الأرض. ولكن كل ذلك كان حتى تقوم وسط التمزق والتشرذم والتلاعن والتباغض بين حكام الدويلات دولة اليهود. وأغلب حكام هذه الدول او الدويلات ممن يوالون النصارى واليهود فيعتقدون بعقيدة النصارى القائلة بفصل الدين عن الحياة، وان الدين لا علاقة له بحياة الناس، فهم يبيحون الربا كما أباحه النصارى واليهود، ويبيحون الزنا كما أباحه النصارى واليهود، وينادون بالحرية الفردية التي لا تعرف القيود والحدود كما طبقها النصارى واليهود. وصدق رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حين قال: (لتتبعن سنن من كان قبلكم حذوك القذة بالقذة شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه)…! قالوا يارسول الله: اليهود والنصارى؟ قال: فمن إذن! وبذلك صدق قول الله تعالى: (ومن يتولهم منكم فانه منهم) لأنه آمن بعقيدتهم ونمط حياتهم، وبالرغم من الهزائم المتلاحقة التي لحقت الامة على أيدي من والى اليهود والنصارى فقد استمروا في (طغيانهم يعمهون) فلم يغيروا انظمة الكفر ولم يحرموا ما حرم الله ورسوله حتى يغير الله مابهم وما حل بأمتهم من هزائم.
ومضت هذه الفئة التي والت اليهود والنصارى الى ارضاء اليهود والنصارى حتى لم تترك طريقاً ترى فيه ارضاءاً لليهود والنصارى الا اتبعته. فحولت وسائل الاعلام في العالم الاسلام الى ادوات تهدم كل القيم التي تكونت منها أمتنا والتي استطاعت بها ان تكون (خير أمة اخرجت للناس) تهدي الضال وتدل الحائر وتطعم الجائع وتحسن لليتيم ولاتنسى البائس الفقير، ويتقدم الانسان في ظل هذه القيم بجهده وتقواه لا بعرقه ونسبه، يجعل العبادة لله وحده لا للزعيم ولا للقائد ولا للحزب ولا للمال ولا للشهوة ولا للعقل ولا للعلم، فيكون الانسان في ظل هذه حرا كما خلقه الله… قيود حريته خيوط تمتد الى منابع السماء فيها الفضيلة والرحمة والمحبة والايثار والاحسان الى ذوي القربى والجار ولو خالف دينك او لم يكن على عقيدتك. انها قيم تجعل الأسرة هي اللبنة في بناء المجتمع، اسرة متناسقة منسجمة لها قائد يقوم معوجها ويمنع انحرافها، فاذا اعوج قائد الاسرة تدخل ولي أمر المجتمع فحجز على السفيه ومنع تصرف المجنون، وهكذا تمشي الحياة في ظل القيم في انسياب رحيم وتساوق جميل، يعرف الانسان في ظل هذه القيم انه خلق لعبادة الله (وما خلقت الجن والإنس الا ليعبدون) فهو يأكل ليتقوى على العبادة، وهو يشرب خوفاً من ان يذوي. والعبادة ليست في الصلاة وحدها وليس في الصوم وحده، وانما العبادة في كل عمل يقوم به الانسان، فهو لا يغش لأن الغش حرام، وهو لايسرق لأن الله منع السرقة، وهو لايزني لأن الزنا مرفوض من الله، وهو يجاهد لأنه يريد ان يدخل الناس جميعاً في الخير الذي دخل فيه حتى يصل الناس جميعاً الى الله بسلام وأمن ومحبة. وهو لايخون امته لأن الخائن مرتد، وهو لايعين عدو امته لأنه بذلك يذهب الى النار، وهو لا يرابي لأن من رابى فقد أعلن الحرب على الله، ورسوله، ولايحتكر اقوات الناس لأن من احتكر فقد أخطأ كما ورد في الحديث (المحتكر خاطئ)، وهو لاينام على شبع وجيرانه جوعى، وذوو رحمه لا يجدون الطعام لأنه بذلك يكون قد خرج من حظيرة الايمان كما ورد في الحديث (ما آمن بي من بات شبعانا وجاره جائع الى جانبه وهو يعلم).
ففي ظل القيم الاسلامية يكون المال وسيلة لاشباع حاجات الانسان الضرورية بالطرق التي رسمها الشرع وما تبقى منه فهو للانفاق على الفقراء والمساكين وفي سبيل الله ووجوه الخير المختلفة، وفي ظل هذه القيم يتعلم الانسان الصدق لأن الكذب حرام، والوفاء واجب لأن الغدر حرام… وجاءت وسائل الاعلام لتنسف هذا كله او لتشوه هذا كله، فأخذت تقنع الناس بأن الربا ضرورد من ضرورات الحياة الاقتصادية وان الناس لا يعيشون بغير ربا… وغرق الناس او كثير من الناس في الربا. وبدأوا يذوقون القلق ويعرفون الارق تلاحقهم الاقساط وتلهب ظهورهم الكمبيالات. والمرابي لايرحم ولو أدى بالانسان الى بيع أثاث بيته. انه يريد الربا ويريد المال… أما الرحمة واما النظرة الى ميسرة فهي أليق بالمؤمنين، اما المرابي فهو انسان اخر لايهمه عذاب الانسان ولا جوع الاطفال ولا تحطيم الأسر، وكلما ازداد أكله للربا ازداد تحجر العاطفة في نفسه، فهو لايرحم ولايشفق الا لمصلحة يراها او ربا صوب نحوه ليقتضيه او ليتظاهر بانه حمل وديع وانسان من اصحاب الخير. وبدخول الربا عرفت المجتمعات الاسلامية شقاء المجتمع الغربي الربوي، وبدأ الناس يعيشون في دوامة من الطمع والهلع، يذوي الخير في نفوسهم وتلاحقهم التعاسة والشقاء. وبدأت اكوارث الربوية تتوالى في بلاد المسلمين في حتمية الهية حيث يقول (يمحق الله الربا) (276: البقرة)، وتهاوت مؤسسات ربوية ضخمة معلنة افلاسها، وأممت مؤسسات ربوية كثيرة أخرى، وولول صغار المساهمين وتحسروا على مالهم الذي ضاع والذي محقق فيه الربا الحلال والحرام، وكثرت الامراض نتيجة للقلق وتنوعت، وتنوع معها العلاج وكثر، فهناك حبوب من أجل ان ينام الانسان وأخرى من أجل ان يستيقظ وثالثة من جل ان يخفف ضغط الدم ورابعة لتفتح الشهية وخامسة وسادسة الخ من الادوية والمسكنات. ومن المناظر المألوفة في مجتمعنا اليوم او في مجتمع التجار وأرباب الاموال ممن أبتلوا بالربا فانه اذا كسدت السوق لأمر او لآخر ترى التجار المقترضين وأرباب الاموال المرابين وقد علاهم الوجوم وعصرتهم الهموم، يقترض الواحد من جاره ليسدد القسط الذي حان موعده ثم يبيع حلي امرأته ثم لايجد شيئاً يبيعه او يقترض منه فيسقط صريع الربا في شلل او مرض وعندها يموت في سكتة قلبية. وراضاءاً لليهود والنصارى، اباحت الفئة المتعاونة معهم الاحتكار فأصبحت بلادنا في قبضة الشركات الاحتكارية، وأصبح كبار التجار يحزنون أقوات الشعب لدرجة انهم يرفضون السعر ليأخذوا بذلك ربحاً وفيراً حلالا أو حراماً فيبنون به القصور ويساهمون فيه في البنوك ويوسسون شركات الاحتكار وهكذا دواليك، ولا يهمهم بعد ذلك اشبع الناس ام جاعوا، اكتسوا ام عاشوا في الاثمال البالية والخرق المرقعة، وبعد ذلك يخروجون على الناس (بأعمال خير) ليخصصوا على الناس كما يزعمون فينشئون لهم اليانصيب الخيري ويتهافت الفقراء على شرائه طمعاً في الربح السريع ويحرمون اطفالهم كل اسبوع او كل شهر او كل اصدار من ثمن ورقة اليانصيب فيزدادون فقراً على فقرهم وجوعاً على جوعهم، وافتتحت نواد للقمار تقليداً لنوادي الغرب، هذه النوادي التي تتحطم فيها نفسية الانسان كرامة الانسان، وبعض نوادي القمار في أوروبا والغرب يعمرها اثرياء النفط فتنساب الاموال من بين أيديهم الىجيوب اليهود والنصارى لترتد عليا بعد ذلك طائرات تقصف ومدافع تدمر.
ومن المسارعة في ارضاء اليهود والنصارى هذه الأموال المكدسة في بنوك أوروبا وأمريكا، سواء للدول او للافراد الأثرياء، والتي تدعم عملات هذه الدول التي تتعاون مع اليهود لافنائنا واذلالنا، هذه الاموال، التي لا يمكاد يحصيها عدد، نفقد قيمتها مع الزمن نتيجة للتضخم النقدي وللأزمات الاقتصادية التي هي من مميزات النظام الرأسمالي في هذا العصر. وهكذا تفقد الامة ثروتها لأن الذين يريدون ارضاء اليهود والنصارى لايخططون لبناء امه قوية ولا لدحر ولا لاستخلاص حق.
وارضاء لليهود والنصارى، ومسارعة في ارضائهم، اصبحت دور السينما في العالم الاسلامي تعرض افلام الجنس، ومؤسسات التلفزيون تنافس السينما في هذا المضمار، والكل يعرض أفلام الجريمة والعنف، واطفالنا وأولادنا وبناتنا يرون فيتأثرون ويشاهدون فيقلدون كيف تتمرد المرأة على زوجها ويكف تحب جارها وكيف يخون الزوج زوجته وكيف يعاشر عشيقته، ويبيح صوت الوعاظ والمرشدين بالدعوة الى الفضيلة والتسمك بأهداب الدين، ويستمع الناس اليهم - هذا ان استمعوا - كأنها اصوات جاءت من المجهول فيكون لصوتهم صدى يلامس الآذان ولكنه لايدخل الى القلوب ولا يؤثر في تغيير منهج الحياة. وأصبح المجتمع يعاني من الشباب المراهق الذي يقلد افلام الكاوبوي وعصابات شيكاغو والجنس المستورد من هوليوود (وان كان الشباب اليوم بدأوا يعودون الى الله).
ومن المسارعة في ارضاء اليهود والنصارى اثارة النعرات القومية والوطنية والاقليمية والطائفية والمذهبية. من المعلوم ان الاسلام هو دين الله للناس كافة (وما أرسلناك الا رحمة للعالمين) فاذا اعتنقه الناس كانوا سواسية كأسنان المشط لا يتفاضلون الا بالتقوى. ومن المعلوم بالدين - بالضرورة - ان يكون للمسلمين امام واحد وخليفة واحد يسوسهم بأحكام الاسلام ويرعاهم برعاية القران وسنة رسول الله، صلى الله عليه وسلم. يقول الرسول، صلى الله عليه وسلم: (اذا بويع لإمامين فاقتلوا الآخر منهما). وحينما ذهبت دولة الاسلام وتآمر عليها اليهود والنصارى قسمت بلاد المسلمين الى دول ودويلات ومشيخات وامارات، وحكام هذه الدول او الدويلات والمشيخات والحارات كلهم ينادي بالوحدة وكلهم لا يريدها. الوحدة تعني الغاء امتيازات والغاء الجوازات وازالة الحدود وان تعود الامة - كما أراد الله - أمة واحدة: (ان هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون) (92: الانبياء)… فإرضاءاً لليهود والنصارى اصبحت القوميات تتقدم على الاسلام في بلاد المسلمين وهذا قومي عربي يتعرق بالعروبة كجنس وعرق (مع ان العروبة، بمعناها الثقافي واللغوي، هي وعاء الاسلام ومفروض علبي كل مسلم ان يعرف لغة القرآن، لان عبادته لا تصح الا باللغة العربية يقرأ بها القران)… وهذا تركي طوراني وآخر فارسي ورابع باكستاني وخامس وسادس… ومن العجيب انه في باكستان لما انفصلوا عن الهند باسم الاسلام ولم يطبقوا الاسلام في حياتهم فخافوا ان تسقط حجة التقسيم فجعلوا من الاسلام قومية، تحل محل القومية الهندية وهذا تحريف في الاسلام وتضليل للمسلمين، ولما كانت التجزئة في بلاد العرب على صورة ابشع من بقية بلاد الاسلام ركز اليهود والنصارى على تثبيتها. ففي بلاد الشام مثلاً انشئت اربع كيانات، اعطي قسم الجنوب الغربي من بلاد الشام (فلسطين) الى اليهود ليقيموا عليها دولتهم، وأعطي قسم الشمال الغربي (لبنان) منها الى النصارى، وأقاموا لهم فيه دولة، هذه الدولة او الدويلة عملت على اضطهاد المسلمين فيها مع انهم الأكثرية الساحقة من سكانها، وأنشئت امارة شرق الاردن في قسم الجنوب الشرقي من ديار الشام وبقيت سوريا الام في الجزء الشرقي من ديار الشام دولة وحدها، وقسمت جزيرة العرب الى امارات لاتكاد تحصى ويتيه فيها العد والمفروض ان تندمج كلها بكيان واحد كما ينبغي ان يندمج المغرب العربي الكبير بدويلاته الخمس لتكون وحدة جغرافية واحدة، وان تعود الوحدة الي شطري دولة باكستان وتضم اليها أفغانستان ويندمح الجميع من بلاد ايران كما تتوحد بلاد الشام مع العراق ويتوحد الجميع مع مصر والسودان وهكذا بقية بلاد المسلمين في أفريقيا وفي آسيا. عند ذلك نكون قد أعلنا الرفض وتمردنا على التجزئة والتقسيم ورفضنا العنعنات الاقليمية والنعرات القومية وعدنا الى محور قوتنا الاسلام يوحدنا ونكون في ظله كما أرادنا الله خير أمة أخرجت للناس.
إن الحكام الذين يتمسكون بأسباب الهزيمة والفرقة ومن لف لفهم من مسؤولين ومنتفعين من الذين يسارعون في ارضاء اليهود والنصارى قد قطعوا صلتهم بالله فلم يعودوا يخافونه وانما يخافون اليهود والنصارى. واذا سألتهم لم هذه المسارعة قالوا (نخشى ان تصيبنا دائرة) (52: المائدة). فهم يخافون على كراسيهم ويخافون على دنياهم وكأنهم في الدنيا خالدون ولذلك يقولون «نخشى ان تصيبنا دائرة». وهذا تصور منهم ان مصيرهم مرتبط بيد اعدائهم من اليهود والنصارى، اذا رضوا عنهم استمروا في سلطانهم وحكمهم او في ملذاتهم وامتيازاتهم، واذا غضبوا عليهم اصابتهم الدوائر من عزل واستبدال مع انهم لو توكلوا على الله فعملوا بما يرضي الله وتوحدوا على كلمة الاسلام فان الله يكفيهم شر عدوهم: (ومن يتوكل على الله فهو حسبه) (3: الطلاق). وما تعلقت امة ولا فرد ولاجماعة بالله فخذلها الله. ومن خوف الحكام كان التفريط في الأرض المقدسة والعمل لتثبيت دولة اسرائيل. وكان أشد الحكام (وطنية) او (تطرفا) ممن والى اليهود والنصارى ينادي بقرارات التقسيم ثم توالت الهزائم وسقطت قطع اخرى في أيدي العدو وبدأ اشدهم تطرفا ينادي باعادة ما أخذ عام 1967، او بالاحرى ما سلم عام 1967 حيث لم تحدث معركة حقيقية على جميع الجبهات المحيطة بدولة اليهود، وبدأت المطالبة تتقلص حتى وصلت الى كامب ديفيد حيث رأينا حاكما، ممن والى اليهود والنصارى، يعطي فلسطين كلها اليهود لليهود والى الابد (حسب تخيله) وكل ذلك لانه يخاف الحرب ويريد ان يمنع عن الامة الاستشهاد ويعلن الغاء الجهاد متحديا بذلك ربنا وعقيدتنا حيث الجهاد فريضة من فرائض الاسلام، وهو ذروة سنام الاسلام جعله الله مكرمة للمسلمين حتى يستشهدوا وينعموا في جنات نعيم. ولقد أمر الرسول، صلى الله عليه وسلم، ان يستمر الجهاد الى يوم القيامة حيث يقول: (الجهاد ماض الى يوم القيامة لا يبطله عدل عادل ولاجور جائر). ويقول الله تعالى (كتب عليكم القتال وهو كره لكم، وعسى ان تكرهوا شيئاً وهو خير لكم، وعسى ان تحبوا شيئاً وهو شر لكم، والله يعلم وانتم لاتعلمون) (216: البقرة) وتوهم هذا الحاكم انه يستطيع ان يقامر على عقيدة الامة وكتاب الله وحضارة الاسلام وان يجعل امتنا أرقاماً تافهة وعقولاً فارغة وان يغرقها في المتع الرخيصة والحياة المهترئة وان يفكك الأسرة ويحرم علينا الجنة حيث الجنة محرمة على الأذلاء يقول الله تعالى: (ان الذين توفاهم الملائكة ظالمي انفسهم قالوا: فيم كنتم؟ قالوا: كنا مستضعفين في الأرض. قالول: الم تكن ارض لله واسعة فتهاجروا فيها؟ فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا، الا المستضعفين من النساء والرجال والولدان، لايستطيعون حيلة ولايهدون سبيلا، فأولئك عسى الله ان يعفو عنهم، وكان الله عفوا غفورا) (97-99: النساء). ويتساءل سائل: اين يهاجر المسلم اليوم وقد انحرف الحكم بالاسلام في كل بلاد المسلمين فنقول له: ان الرسول، صلى الله عليه وسلم، أجاب عن ذلك بقوله: (لاهجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية). وهذا الحاكم، الذي قامر بحضارة المسلمين، اصابه الغرور فصدق تصفيق الجماهيري التي ساقها اعوانه لتصفق له وظن ان هذه الجماهير تؤيده حقيقة وهي جماهير مسكينة لاتدري ماذا تفعل، تساق الى المذبح وهي تصفق، ويتامر على مصيرها وهي ترقص، وصدق الله العظيم: (ام تحسب ان أكثرهم يسمعون اويعقلون، ان هم الا كالأنعام، بل هم أضل سبيلا) (44: الفرقان). والا فهل هناك عاقل من المسلمين المكلفين شرعاً يخرج ليستقبل أعداءه من اليهود هاتفاً بحياتهم وحياة زعمائهم الذين اغتصبوا ارضه وأذلوا قومه وهتكوا عرضه ودمروا المدارس بأطفالها وحرقوا القرى بمن فيها، وبقروا بطون الحبالى ولم يتورعوا عن بقر بطن الاطفال… هذه الجماهير التي كم صقفت لقاتليها ورقصت ل
الولاء بين اليهود والنصارى
من هذا السرد التاريخي للعداء اليهودي النصراني يتضح بما لا يدع مجالاً للشك انه لم يحدث ولاء بين اليهود والنصارى عبر التاريخ، وانما حدث العكس من ذلك: العداوة والبغضاء، ويشير القران الكريم الى ذلك ويقرر ان العداوة قائمة بين اليهود والنصارى. ففي سورة الصف (الآية 13) يقول الله تعالى: (يا أيها الذين امنوا كونوا أنصار الله كما قال عيسى بن مريم للحواريين من انصاري الى الله، قال الحواريون نحن أنصار الله، فآمنت طائفة من بني اسرائيل وكفرت طائفة، فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين) والذين آمنوا هم الذين أصبحوا «نصارى» والذين كفروا هم الذين استمروا على يهوديتهم.
وتقرر الاية انهم منذ ذلك الحين أصبحوا أعداءاً وان الله سبحانه وتعالى قد أيد النصارى على اليهود فأصبحوا ظاهرين عليهم مسلطين. وكذلك يقول الله تعالى في سورة البقرة (الآية: 113) (وقالت اليهود: ليست النصارى على شيء، وقالت النصارى: ليست اليهود على شيء، وهم يتلون الكتاب).
ولكننا نجد أن الآية (50) وما بعدها من سورة المائدة تقرر ان هناك ولاءاً بين اليهود والنصارى، وتحذرنا من أن نتخذ اليهود والنصارى أولياء… فكيف يمكن التوفيق بين الذي جاءت به آيات القران، والتي تقرر العداوة بين اليهود والنصارى، وكذلك الواقع التاريخي للعداوة المستمرة بين اليهود والنصارى… وبين الولاء الذي تتحدث عنه الآيات (50) وما بعدها من سورة المائدة والتي يقول الله فيها: (يا أيها الذين آمنوا لاتتخذوا اليهود والنصارى اولياء، بعضهم اولياء بعض، ومن يتولهم منكم فانه منهم. ان الله لايهدي القوم الظالمين. فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم، يقولون: نخشى ان تصيبنا دائرة، فعسى الله أن يأتي بالفتح او امر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين. ويقول الذين امنوا: أهؤلاء الذين أقسموا بالهل جهد أيمانهم: انهم لمعكم، حبطت اعمالهم، فأصبحوا خاسرين. يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه، فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه، أذلة على المؤمنين، أعزة على الكافرين، يجاهدون في سبيل الله، ولايخافون لومة لائم، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله واسع عليم، انما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا، الذين يقيمون الصلاة ويؤتمون الزكاة وهم راكعون، ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا، فان حزب الله هم الغالبون).
فالقران يتحدث في هذه الايات عن ولاء وتناصر بين اليهود والنصارى. والآية (113) التي أشرنا اليها من سورة البقرة والآية (13) من سورة الصف، تتحدثان عن خلاف وعداء بين اليهود والنصارى، والواقع التاريخي الذي سردنا قسما منه يؤكد هذه العداوة والبغضاء بين اليهود والنصارى. وهذا في ظاهره تناقض، ومعاذ الله ان يتناقض كتاب الله، اذن لابد ان آيات المائدة التي نحن بصدد تفسيرها، تتحدث عن فترة زمنية آتية بعد نزول الآيات. فهي لا تصف واقعاً في حين نزولها، اذ لم يكن في حين نزولها ولاء بين اليهود والنصارى في جزيرة العرب، او في أية بقعة من بقاع العالم، فالنبي، صلى الله عليه وسلم، حين نقض اليهود العهد في المدينة قاتلهم منفردين في المدينة وفي خيبر وتيماء ولم يحدث لهم مساعدة وتناصر وموالاة من النصارى، اذ لم يكن في المدينة وما حولها نصارى، وكذلك لم يكن في مكة يهود ولانصارى.
ولما اقتضى ان تحمل الدعوة الى خارج الجزيرة، خرج الجيش المسلمين فقاتل النصارى في ديار الشام لأول مرة في معركة مؤتة، اذن هذه الآيات هي من آيات الغيب التي تتحدث عن فترة زمنية قادمة يعاون فيها اليهود والنصارى، ويوالي بعضهم بعضاً للتآمر على المسلمين. وهذه الآيات التي أخبرت عن مستقبل آت هي من قبيل قوله تعالى في سورة الروم (الآيات 1-6): (آلم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين. لله الأمر من قبل ومن بعد. ويومئد يفرح المؤمنون بنصر الله، ينصر منيشاء، وهو العزيز الرحيم، وعد الله، لايخلف الله وعده، ينصر من يشاء، وهو العزيز الرحيم، وعد الله، لايخلف الله وعده، ولكن أكثر الناس لايعلمون). وهي من قبيل قوله تعالى في سورة النور (الآية 55): (وعد الله الذين آمنوا منكمن وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم، وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم امنا، يعبدونني لايشركون بي شيئا، ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون)
وبالفعل انتصرت الروم بعد فترة وجيزة على الفرس كما وعد الله في كتابه، وبالفعل حقق الله وعده للمؤمنين فأصبحوا خلفاء الأرض يعمرونها، وأصبح دينهم هو الدين المسيطر، وأصبحوا يعيشون في أمن وطمأنينة في بلادهو وفي كل بلد دخلها الاسلام.
القرآن يتحدث عن المستقبل
ولما كان القران هو كتاب الله الخالد الى يوم القيامة، ويتحدث عن مسيرة البشرية الى ان تلقى ربها، فمن البديهي ان يشير الى الاحداث الكبرى في صراع المسلمين مع أعدائهم من اليهود والنصارى، وكم من الآيات التي نقرأها اليوم فنقف امامها خاشعين لانها ترسم صورة المجتمع الذي نعيشه، كقوله تعالى في سورة الانعام (الآية 64) (قل هو القادر على ان يرسل عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم، او يلبسكم شيعاً ويذيق بعضكم بأس بعض، انظر كيف نصرف الايات لقوم لعلهم يفقهون). اليست هذه الاية واحدة من الآيات التي ترسم صورة ما عانته الأمة وما تعانيه من فئات متبانية وأحزاب متلاعنة وحروب محلية واستعمال للطائران والقنابل والالغام والمدافع بين الفئات المتحاربة من الأمة الواحدة. هذه الأسلحة الحديثة (من فوقكم ومن تحت أرجلكم) لم تكن معروفة وقت نزول هذه الآيد، وهذا يدل على آن هذا القران هو معجزة الله الخالدة ينبه الأمة لأن تسير طريقها السوي وتمشي صراطها المستقيم والا حل بها عذاب في دنياها مصداقاً لقوله تعالى في سورة السجدة (الآية: 21) (ولنذيقنهم من العذاب الادنى دون العذاب الاكبر، لعلهم يرجعون). وحينما نقرآ اية اخرى من هذه الآيات التي تتحدث عن فترات زمنية قادمة بعد نزولها ترمض فيها الامة مرضا ماديا، فتنصرف الى التمتمع بالملذات والجري وراء الشهوات والانغماس في الرذائل وذلك نتيجة انصرافها عن عباة الله وعن الجهاد والذكر، وكيف ان ذلك سيؤدي بها الى الهلاك والدمار، لان الترف دائماً يمزق الامم ويهدم الحضارات لأنه يفقد الامة صلابتها ويقتل روح التحدي فيها فتستريح من تعب الجهاد وتنام مسترخية فيدب في جسمها التفسخ وذلك حينما تعرض عن الجهاد وعبادة الله التي خلقت من أجله، يقول تعالى في سورة الانعام (الايتين 44-45) : (فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى اذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فاذا هم مبلسون، فقطع دابر القوم الذين ظلموا، والحمد لله رب العالمين)
أرأيت الى الصورة الاعجازية. الربانية كيف ترسم الواقع الذي تعيشه البشرية الان التي أعرضت عن الله فلم تتوقف بينها الحروب المدمرة. ففي هذا القرن وقع حربان عالميتان اصابت شرورهما الانسانية جمعاء. وفي هذا القرن اندلعت كثير من الحروب المحلية المحدودة التي دمرت البلدان الت اشتركت فيها، وفي هذا القرن، حيث اعرضت الانسانية عن ربها نهائيا، كثرت الزلازل والفيضانات وحوادث الصقيع والجليد التي يعطي الله بها الإنذارات للبشرية علها تعقل. الم تر الى نيويورك، وهي اكبر عاصمة مادية في الكرة الارضية، كيف نهبت في ليلة واحدة حينما سادها الظلام نتيجة لانقطاع التيار الكهربائي قبل بضع سنين.
والقوتان العظميان تحشدان الأسلحة النووية الفتاكة والأسلحة الجرثومية تتفننان في اختراع ما يؤدي الى هلاك البشرية، وهما في نفس الوقت يدعوان الى الالحاد وينشران الفساد فأعرضت البشرية تحت توجيههما عن ذكر الله. فهل يحدث خطأ مقصود او غير مقصود فتخرج هذه الأسلحة المخزونة من عقالها لتدمر البشرية.
ونحن في العالم الاسلامي بدأنا نلحق بالبشرية الضالة. نلهث وراء الموضة ونقلد، بوعي وبدون وعي. نأكل ما يأكل الكفار ونلبس ما يلبسون ونشرب ما يشربون من حلال او حرام وأخذنا ننصرف عن الوحي، عن القرآن والسنة، وفي هذه الحقبة الزمنية فتح الله على البشرية ابواب كل شيء بحيث أصبحت الحياة سهلة ميسورة لا مشقة فيها ولا عنت . الطعام يأكله الإنسان شبه مهضوم، واللباس يشتريه مخيطا وكل يوم لباس جديد وموضة جديدة. وجاءت السيارات وتبعتها الطائرات وتطورت وسائل المواصلات حتى صغرت الكرة الأرضية وأصبحت في تناول الإنسان يرتادها في يومين او ثلاثة أو في يوم أو في بعض يوم. وجاءت الكهرباء ومشتقاتها آلة تطبخ وأخرى تغسل وثالثة تنظف ورابعة تكوي وخامسة وسادسة الى ما لا يعد ولا يكاد يحصى. وفتنن الناس في بناء القصور وزخرفتها ، واصبح الديكور في البيت يكلف أكثر من البيت نفسه ، ورأينا في عواصمنا نحن المسلمين بيوتا تبنى يسكن فيها زوجان يكفي ثمن الواحد منها لاطعام قرية جائعة. وأصبح التفاخر بالاثاث الفاخر والديكور وبرك السباحة مجالا للفرح والتيه. فهل رأيت كيف تصف هذه الآية من القران الكريم الواقع الذي نحياه الان، وان هذا الترف اللامعقول واللامقبول سيؤدي الى تدمر الحضارة الغربية بوجهيها الاشتراكي والرأسمالي. واننا نحن في المنطقة الاسلامية ونحن في معركة مع عدونا، وهي معركة بقاء او فناء، كيف نستسيغ لأنفسنا العيش في هذا الترف القاتل وبناء هذه القصور. وان بعض الاحياء السكنية في بعض العواصم العربية فيها من القصور والديكور والتفنن المعماري ما لا يكاد يوصف مع انها في كل لحظة تحت رحمة صواريخ العدو وطائراته بل ومدفعيته، والله يهددنا ان لم نتعظ فانه سوف يأخذ هذا الترف كله ويفنيه، ونعيش بعدها ملبسين في يأس وقنوط.
ولقد حقق الله المثل الذي ضربه في القرية التي كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان . وتتمثل هذه الصورة اليوم في بيروت التي كانت مثالاً للحياة المتفسخة، لا تنام الليل وتلهث في النهار. انهارت فيها القيم واختلط الحابل بالنابل والنجاسة بالطهر، والكفر بالايمان والعهر بالاستقامة، والرجولة بالميوعة، حتى لم تعد تميز بين خير وشر وحلال وحرام، ولا تعرف المسلم من غير المسلم، يلهث وراء اللذة ويشبع جوعه المعدة وجوع الجنس بأي وسيلة وكيفما اتفق.
وفجأة فاذا بيروت تعيش الخوف والجوع ويهلكها العهر ويمحقها الربا. فكل تجارة بيروت وعماراتها وأسواقها قائمة على الربا. ولما كان القرآن قرر ان الربا ماله المحق، فاجتمع في بيروت الترف والكفر والربا وكلها عوامل الدمار لأي مدينة في الأرض. ولنتدبر الآيات المعجزات:
(واذا أردنا ان نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها، فحق عليها القول، فدمرناها تدميرا)(16: الاسراء).
(يمحق الله الربا ويربى الصدقات، والله لا يحب كل كفار أثيم) .(276: البقرة)
(وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة، يأتيها رزقها رغداً من كل مكان، فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون) (112: البقرة)
ولسائل ان يسأل: هل بيروت وحدها التي أسرفت وكفرت ورابت! والجواب هو: ان عواصم الغرب الكبرى دمرت في خلال هذا القرن مرتين، مرة في الحرب العالمية الاولى والأخرى في الحرب العالمية الثانية، ولا ندري هل سيبقى منها أثر في الحرب العالمية المقبلة ام لا… وبهذا يتبين ان آيات القرآن المتعلقة بمسيرة البشرية لا يصح ان تفسر تفسيرا تاريخياً فقط، كآيات الاسراء المتعلقة ببني اسرائيل وبعلوهم وفسادهم. وقد بينت في تفسيرها ان المرتين بعد نزول القرآن وليس قبله.
وبهذا السرد للآيات القرآنية التي تتحدث عن المستقبل، أردت ان اوضح ان معنى آيات المائدة في الموالاة بين اليهود والنصارى هو مستقبلي، وان التحدث عن المستقبل في علاقات المسلمين مع اليهود والنصارى. وان تآمر اليهود والنصارى مجتمعين على المسلمين وأرض الاسلام، والأرض المباركة هو بعض ما جاء به القران الكريم.
تحقق الموالاة بين اليهود والنصارى في بداية القرن العشرين
ونعود الى الاية وتفسيرها: (يا ايها الذين آمنوا لاتتخذوا اليهودم والنصارى اولياء بعضهم اولياء بعض) (51: المائدة). وقد بينا آنفا انه لم تحدث موالاة بين اليهود والنصارى منذ ان جاء عيسى عليه السلام بالنصرانية الى بداية القرن العشرين وان العداء هو الذي كان بينهم، ولكن فجأة تحدث الموالاة والتناصر بينهم، وينسون الاحقاد التي كانت العلامة المميزة للعلاقات بينهم… فقد تعاونوا في أول القرن على عزل السلطان المظلمون عبد الحميد، حين رفض ان يعطي اليهود امتيازات في فلسطين. وكان اليهود في المؤتمر الصهيوني الاول الذي عقدوه بمدينة بال بسويسرا سنة 1897 قد اتخذوا قراراً بالاستيطان في فلسطين التي كانت جزءاً من الدولة الاسلامية العثمانية. وذهبت رسلهم الى مقابلة السلطان في استانبول ومن الذين ذهبوا لمقابلة السلطان: اليهودي قره صو افندي ورئيس المؤتمر الصهيوني هرتزل. وقد عرض هؤلاء على السلطان في بادئ الامر ان يسدد اليهود ديون الدولة العثمانية وان يخضوا السلطان بخمسة ملايين ليرة عثمانية ذهباً. ولكن السلطان، الذي كان على وعي تام بمخططات الكفار ضد بلاد المسلمين وكان يحذر الواعين من الأمة من هذا التامر، رفض العرض.
وظن اليهود ان الأمر يتعلق بقلة المبالغ التي عرضوها فأخذوا يرفعون الرشوة حتى بلغت الآتي:
تسديد ديون الدولة العثمانية، وتعمير الأسطول العثماني، ومبلغ مئة وخمسين مليون ليرة ذهبا للسلطان شخصياً… ولكن السلطان المسلم، أخبرهم بأن حفنة من تراب الارض المقدسة تساوي اموال اليهود التي في الدنيا. فقرر اليهود ان يتخلصوا منه فتعاونت المحافل الماسونية مع الحركة القومية الطورانية واليهود الدونمة (الذين أظهروا الاسلام وأبطنوا الكفر) مع النصارى وتم عزل السلطان سنة 1909 ونفي الى سالونيك وأهين وعذب وشوهت سمعته.
وكان اليهود قد تعاونوا مع الانجليز في اثناء الحرب، وكان وايزمان اليهودي عالماً كيماوياً فاستغل مخترعاته في أثناء الحرب، وكذلك البيوتات المالية اليهودية، مثل روتشيلد، استغلت حاجة بريطانيا لمخترعاته وأموالهم. وكانت بريطانيا لا تزال العدو الاول للمسلمين فأعطت اليهود وعد بلفور في 2 نوفمبر 1917، وكان ذلك اثناء الحرب وباتفاق مع امريكا، وينص الوعد على انشاء وطن قومي لليهود في فلسطين وكان هذا أول تعاون بارز بين بريطانيا النصراينة واليهود.
وبعد الحرب العالمية الاولى انشئت عصبة الامم، وفي سنة 1992 اعطت حق الانتداب لبريطانيا النصرانية على فلسطين لتضع البلاد اقتصاديا وثقافيا وعمرانيا وسياسيا في وضع يتحقق منه انشاء الوطن القومي اليهودي. وبالفعل قامت بريطانيا النصرانية بهذا الامر شر قيام. فعينت اول مندوب سام لها في فلسطين من اليهودوهو هربرت صمويل.
استمر هربرت صمويل مندوبا ساميا في فلسطين لمدة ست سنوات، وضع فلسطين خلالها في وضع يساعد على انشاء الوطن القومي لليهود، فسن قوانين اباحة الهجرة اليهودية وتغاضى عن الهجرة اليهودية «غير الشرعية»، وفرض ضرائب باهظة على الارض حتى يضطر الفلاح العربي المسلم الى بيعها، وأباح استيراد القمح من استراليا وبيعه بأرخص من القمح الذي تنتجه ارض فلسطين، وحتى لاتقوم الارض بتكاليفها وتكاليف معيشة الفلاح. ومع هذا فان هذه السياسة لم تنجح في ان يبيع اهل فلسطين ارضهم وبقوا متشبتثين بها، بالرغم مما يقوله أعوان اليهود وسماسرة الحكام من أمثال المدعو انيس منصور رئيس تحرير مجلة (اكتوبر) المصرية الذي قال، بكل وقاحة، ان اليهود اشتروا فلسطين شبراً شبراً، حتى يبرز ليسده المرتد مناداته ببقاةء دولة اليهود في فلسطين. والواقع هو أن اليهود كانوا يملكون من أرض فلسطين 2 في المائة حتى سنة 1918 وحتى 1948 كان مجموع ما ملكه اليهود من فلسطين 5.8 في المائة حسب احصائية الامم المتحدة. ولم يكن ال 3.8 في المائة بيعاً من أهل فلسطين وانما كان من الأراضي التي تملكها الدولة وأعطاتها بريطانيا النصرانية لليهود، وبعض العائلات الاقطاعية التي كانت تمتلك قسما كبيراً من شمال فلسطين وكانت تقيم في لبنان، ومنها عائلة سرسق وعائلة سلام، باعث أرضها لليهود.
مقاومة الشعب الفلسطيني
واخذ الشعب في فلسطين يقاوم سياسة التهويد ويتشبث بأرضه، فقام بالثورات المتلاحقة فكانت ثورة سنة 1921، وثورة سنة 1929 حينما ادعى اليهود ملكيتهم لحائط البراق وانه من بقايا هيكل سليمان، ثم ثورة سنة 1933 ثم الثورة الكبرى من عام 1936 الى 1939، حيث قام الشعب كله يصارع بريطانيا واليهود يضرب المثل للدنيا في التضحية والفداء، وقدم آلاف الشهداء وتعرض للتعذيب في السجون والمعتقلات. وعاش الناس في ارهاب ولكن روح التحدي فيهم كانت عالية لمتستطع بريطانيا اقتلاعها أو تدميرها بالرغم من المشاكل. وفي هذه الاثناء انشأت بريطانيا جيشا لليهود، اخذت تدربه وتسلحه بام حرس المستعمرات (الهاغاناه). وكاه هذا الحرس هو النواة الحقيقيد لجيش دولة اليهود فيما بعد. وكل رؤساء الأركان فيما يسعى بجيش الدفاع اليهود منذ سنة 1948 هم من ضباط هذا الفريق اليهودي مثل ديان، وآلون، ويادين وغيرهم.
وهكذا عملت بريطانيا النصرانية باعطاء اليهود كل ما يريدون وكثر مما يريدون، وأسست لهم دولة في أرض الاسلام واستمر التعاون بين اليهود والنصارى في هذا القرن، فأصدرت هيئة الامم النصرانية، وريثة عصبة الامم - والتي أسسها الحلفاء المنتصرون لتقسيم مناطق النفوذ فيما بينهم - قراراً بانشاء دولة اليهود في فلسطين عام 1947.
وتسابقت الدول النصرانية الكبرى على الاعتراف بهذه الدويلة، فتفتخر امريكا النصرانية، وريثة بريطانيا النصرانية في عداء المسلمين، بالاعتراف بهذه الدولة بعد انشائها باحدى عشرة دقيقد، وكانت روسيا الدولة الثانية ونالت «الفخر» بهذا الاعتراف السريع، مع ان هذا الاعتراف يخالف مبدأها الشيوعي الذي تقوم عليه وهو (الأممية) ومحاربة (العنصرية) كما يزعمون… الا ان العداء للإسلام جمع بين اطراف الكفر المتناقض الذي هو كقطعة العملة الواحدة ذات الوجهين.
وتوالت اعترافات الدول النصرانية بدولة اليهود. وبعد ذلك اخذت الدول النصرانية تلهو بالمسلمين وبحكامهم فتصدر قرارات في هيئة الامم المتحدة تبين حقوق الفلسطينيين بأرضهم وتطالب بعودتهم وبتنفيذ قرارات التقسيم. والحكام الذين والوا اليهود والنصارى، والذين هو من صناعة اليهود والنصارى، اعجبتهم اللعبة والعبث الذي يجري بهم وبأمتهم، فكلما اجتمع حاكم الى حاكم أصدرا بيانا يطالبان فيه بتنفيذ قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بفلسطين والتي أصبحت لاتعد ولا تحصى.
واستمر التعاون بين اليهود والنصارى حتى كان العدوان الثلاثي على مصر المسلمة حيث اشتركت جيوش نصرانية (فرنسية وبريطانية) مع جيش يهودي في الهجوم على مصر سنة 1956. وهذا لأول مرة في التاريخ.
وفي الستينات من هذا القرن بلغ التعاون ذروته باعلان البابا تبرئة اليهود من دم المسيح - حسب زعمهم - حتى لا يتأثر النصارى المتدينون حينما تسقط مقدساتهم في أيدي اليهود الذي صلبوا المسيح - حسب زعمهم… وبلغ الامر ذروته بتعاون الكثير من نصارى لبنان خاصة الموارنة منهم بكل وضوح وبكل وقاحة مع اليهود وحيث يقاتلون المسلمين في خندق واحد.
ومن العجيب الغريب ان دولة لبنان النصرانية بقيت فترة طويلة تقوم بدفع مرتبات جنود الخائن سعد حداد بالرغم من تعاونهم العلني مع اليهود. وهذه الاموال من دافعي الضريبة المسلمين، ومن مساعدات دول البترول - التي سكانها مسلمون - فكيف حدث هذا؟ او كيف يحدث هذا؟ انه الكفر وأعوانه يفعلون ما يريدون.
وأما ما قاله الطبري وغيره من المفسرين في قوله تعالى (بعضهم اولياء بعض) فانه علل ذلك بان اليهود انصار بعضهم البعض ويد واحدد على جميعهم، وان النصارى كذلك. وهذا القول مردود بالقرآن وبالواقع التاريخي لأن القران يقرر ان النصارى مختلفون الى يوم القيامة وبينهم العداوة والبغضاء، فلا يمكن ان يكونوا يداً واحدة لان الله تعالى يقول في سورة المائدة (آية 14) (ومن الذين قالوا: انا نصارى، أخذنا ميثاقهم فنسوا حظاً مما ذكروا به، فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء الى يوم القيامة، وسوف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون).
ولذلك، منذ ان انقسم النصارى الى طوائف، والعداوة قائمة بينهم على اشدها… فالكنيسة الشرقية (الأرثوذكس)، التي مقرها اسطنبول، لا تعترف بالكنيسة الغربية (الكاثوليك او اللاتين) التي مقرها روما، وبابا روما لا يعترف ببابا اسطنبول. وقد انقسمت الكنيسة الغربية وانفصلت عنها حركة التجديد الديني (البروتستانتية) التي تزعمها مارتن لوثر كنج والتي تتمثل في الكنيستين الانجليزية والألمانية… فلا يعترف البروتستانت بالبابا ولا يعترف البابا بالابروتستانت فهو يعتبرهم خارجين عن الكنيسة (هراقطة) وهم يعتبرونه مرتينا لانه يؤمن بالتماثيل والصور. والصراع الدموي بين البروتستانت والكاثوليك في ايرلندا الشمالية، القائم على اساس ديني والذي لم يهدأ منذ سنوات طويلة، يعطي صورة واضحة عن عداوة النصارى بعضهم مع بعض، والحروب بين دول اوروبا النصرانية لم تتوقف عبر التاريخ. فما من دولة أوروبية الا وحاربت جارتها النصرانية، وكثيراً ما كان العامل الديني المذهبي هو المحرك في هذه الحروب.
واليهود كذلك ليس بعضهم اولياء بعض بنصر القران الكريم، فكما أوقع الله العداوة بين النصارى بعضهم مع بعض، أوقع العداوة بين اليهود بعضهم مع بعض والى يوم القيامة… قال الله تعالى (64: المائدة) (وقالت اليهود: يد الله مغلولة، غلت أيديهم ولُعِنوا بما قالوا، بل يداه مبسوطتان، ينفق كيف يشاء، وليزيدن كثيراً منهم ما أنزل اليك من ربك طغيانا وكفرا، وألقينا بينهم العداوة والبغضاء الى يوم القيامة، كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله، ويسعون في الأرض فسادا، واللّه لا يحب المفسدين)… ويقول الله تعالى ذكره في سورة الحشر (الآية 14): (لايقاتلونكم جمعياً الا في قرى محصنة او من وراء جدُر، بأسهم بينهم شديد، تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى، ذلك بانهم قوم لايعقلون)
والمتتبع لأحوال اليهود في الارض المغتصبة يجد مدى انطباق هذه الآية وصدقها على المجتمع اليهودي في فلسطين. فالاحزاب اليهودية حوالي ثلاثين حزبا من أقصى اليسار الشيوعي المتطرف الملحد الى اقصى اليمين الصهيوني المتحجر. والاحزاب تتناحر بعنف. والمجتمع اليهودي مجتمع عنصري طبقي مخيف. فالحياة الرغيدة هي لليهود الاوروبيين، والذين هم من أوروبا الشرقية خاصة، مثل روسيا وبولونيا. هؤلاء هم أصحاب السلطة في الدولة. فكل الزعماء الذين اقاموا دولة اليهود وحكموها تقريبا. منهم من أمثال غولدا مائير وبن غوريون وشرتوك وآلون وديان وبيغن. وهؤلاء اعطوا الامتيازات لأنفسهم وبقية اليهود الذين جاؤا الى فلسطين من أوروبا وأمريكا، اما اليهود الشرقيون الذين هم ليسوا من دول أوروبا وأمريكا فهم مواطنون من الدرجة الثانية او الثالثة فهم وقود الحرب ويعيشون في أدنى درجات السلم الاجتماعي.
الفئة التي والت اليهود والنصارى وأصلها مؤمن
وتتحدث الايات محذرة المؤمنين من أن يوالوا اليهود والنصارى وقد قال ابو جعفر الطبري في تفسير قوله تعالى: (ومن يتولهم منكم فانه منهم): ومن يتول اليهود والنصارى دون المؤمنين فانه منهم، فان من تولاهم ونصرهم على المؤمنين فهوم من أهل دينهم وملتهم، فانه لايتولى متول احداً الا وهو به وبدينه مؤمن وما هو عليه راض واذا رضيه ورضي دينه فقد عادى ما خالفه وسخطه وصار حكمه حكمه.
وبالفعل حينما بدأت الموالاة بين اليهود والنصارى، تمهيداً لاقامة دولة اليهود في أول هذا القرن، كان اليهود والنصارى قد مهدوا الطريق لهذا الامر بانشاء الجمعيات والنوادي وقد وأدخلوا فيها في بادئ الامر أبناء النصارى واليهود فقط ولكن ذلك لم يؤد الى الغرض المقصود اذ انهم يستهدفون الاسلام والمسلمين، فأدخلوا ابناء المسلمين في تلك الجمعيات والنوادي فيما بعد. وكانت الدولة العثمانية - دولة الخلافة - قد أصبحت الرجل المريض، وانشأوا المدارس الغربية في ديار المسلمين ونشروا الثقافة الغربية، وبلغ هذ الأمر ذروته بانشاء الجامعة الامريكية في بيروت، هذه الجامعة التي خرجت كثيراً من الساسة والحكام العرب الذين ساهموا في قيام دولة اسرائيل فيما بعد. وقد ذهب نفر من ابناء الأثرياء من المسلمين لتلتقي العلم في أوروبا في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين ورجعوا من الغرب مفصولين عن فكرهم الاصيل، وبدأوا يدعون الى القوميات ويعادون الاسلام الذي لايميز بين بني البشر الا بالتقوى. وبدأ الغرب الصليبي المتعاون مع اليهود ينشئ جمعيات لهؤلاء الشباب القومي كجمعية الاتحاد والترقي في تركيا لأبناء الأتراك، وجمعية العهد لأبناء العرب وكان مقرها باريس.
وتعاون دعاة القومية مع اليهود والنصارى على هدم دولة الخلافة: الأتراك يدعون الى القومية الطورانية وفرضها على الشعوب التي تتكون منها الدولة الاسلامية، والعرب يدعون الى القومية العربية العلمانية والتخلص من حكم الدولة العثمانية. وكان السلطان عبد الحميد، قد فهم اللعبة فقاوم ما وسعته المقاومة، وكان قد ورث الدولة العثمانية وهي شبه منعزلة، ولكنه استمر يناور دول الغرب ثلاثين عاما حتى استطاعوا ان يتغلبوا عليه في النهاية فعزل عام 1909، وكان عزله تمهيداً لقيام دولة اسرائيل في فلسطين. وقد تعاون القوميون على عزلة فكانت «الثورة العربية الكبرى» والتي قامت لتخليص العرب من الدولة العثمانية. ثم جاء أتاتورك الذي حاول هو، وخلفاؤه من بعده، ان ينزعوا تركيا من الاسلام او، بالأحرى، ان ينزعوا الاسلام من تركيا. ولكن الشعب التركي المسلم بدأ يعود حياته متمكساً بدينه وقد فشلت مخططات تكفيره، ثم جاءت الحركات القومية الثورية، والاحزاب الاشتراكية، والمساونيون، وكلهم تعاونوا مع اليهود والنصارى بشكل او باخر، وكلهم ساهموا في قيام دولة اليهود فأبعد الاسلام عن الساحة نهائياً… وذلك لان دولة اليهود نجسة لا يمكن ان تقوم في ارض طاهرة يحكمها الاسلام، فلا بد من حكومات نجسة فكرياً حتى تقوم دولة لليهود من خلالها. فكان الفكر الذي سيطر على الأرض الاسلامية فكر أباح الزنا ودواعيه وأباح الخمر وشجع عليه وأباح القمار وأنشأ له نواد، وأباح الربا وأسس له مؤسسات ضخمة تأكل اموال الناس بالباطل، وحورب الاسلام ورجال الاسلام حربا لا هوادة فيها فجعلوا من الاسلام عنواناً للتخلف الحضاري والتخلف العقلي. وصدق الله العظيم حين قال في سور المطففين (الآيات 29-33): (ان الذين اجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون، واذا مروا بهم يتغامرون، واذا انقلبوا الى أهلهم فكهين، واذ رأوهم قالوا: ان هؤلاء لضالون وما أرسلوا عليهم حافظين).
ومن ضمن الخطة التي لمحاربة الاسلام، وحتى تقوم دولة اسرائيل، ان حورب علماء الاسلام في أرزاقهم وأصبح ينظر اليهم على انهم طبقة «غير منتجة» مادياً وانهم عالة على مجتمعهم، ونتج عن هذا مزيد من التفكك في المجتمع ومزيد من التآكل في الأسرة، ومزيد من الميوعة، وانقلب ميزان الفضائل، فأصبح التقدم يعني الانحلال وأصبح الرقي يعني الثورة على الفضيلة وأصبح الكرم يعني ان تكرم بعرضك. وأبعد كل ما له علاقة بالاسلام عن الساحة حتى الكلمات التي لها علاقة بالاسلام منع استعمالها في المعركة ، فكلمة «الجهاد» مثلا استبدلت بالكفاح والنضال وكلمة الكفار استبدلت بالاستعمار، وكلمة اليهودية استبدلت بالصهيونية حتى تطمس الاصطلاحات الإسلامية والاسلام نهائيا. وبدلا من أن يكون الولاء لله ولرسوله وللمؤمنين أصبح الولاء للقائد والحاكم والحزب وللفكر الكافر. والاسلام ربى المسلمين على ان يكون ولاؤهم لله ولرسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، ولكنه منعهم من أن يربطوا الإسلام بشخصه الكريم، ولذلك حين خرجت الإشاعات في معركة أحد أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قد قتل اصاب الوهن نفوس بعض الصحابة، رضوان الله عليهم، واعتقدوا ان الإسلام قد انتهى بموت رسول الله ، صلى الله عليه وسلم فأنزل الله مؤدبا للمؤمنين ومعلماً لهم: (وما محمد الا رسول، قد خلت من قبله الرسل، أفإن مات او قتل انقلبتم على أعقابكم، ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين). (144: آل عمران) وهكذا ركز القران الكريم في آيات عديدة على بشرية محمد، صلى الله عليه وسلم، ويقول تعالى مؤكداً على بشرية نبيه، خوفا من أن يؤلهه الناس: (قل: انما انا بشكر مثلكم يوحى الي انما الهكم اله واحد) (110: الكهف)، فيقول الرسول، صلى الله عليه وسلم: (لاتطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم انما أنا عبد الله ورسوله). وكان الرجل يدخل على مجلس النبي، صلى الله عليه وسلم، فيسأل: أيكم محمد؟ حيث كان لا يتميز عن أصحابه بلباس او مجلس…
ولكننا رأينا، في زمننا هذا، ان الزعيم مقدس وان الحاكم لايخطئ. فمؤسس الحزب ينظر له بقداسة. ولقد استغل بعض الساسة والزعماء هذا الامر فأخذوا يستهزئون بالشعوب ويتلاعبون بالعقول والناس تلهث وراءهم تصفق بأيديها وتهتف بحناجرها، وعقولها في إجازة، والزعيم يلعب بالعواطف. يجعل الأبيض أسوداً والأسود ابيضاً ثم يعود البياض الى بياضه ثم يعود مرة اخرى سواده وهو هو لم يتغير. فلطل الأمس خائن اليوم، وفجأة تقتضي مصلحة الزعيم ان يعود هذا البطل الى خيانته، ثم يعود مرة اخرى الى بطولته، والجماهير تتبع رأي الزعيم لاتسأله: لم غير وكيف بدل؟ انه آمن لولائها بعد ان افقدها وعيها. وهكذا سابق أصحاب الشعارات، المتجردين من الاسلام، الامة الى الهزائم المتلاحقة والنكبات المتتعابة بعد ان رضوا ان يكونوا حكاماً على الدويلات الممزقة والتي صغر بعض منها فأصبح على مستوى الحارة، وانبعض الاحياء في العواصم الكبرى عدد سكانها اكبر بكثير من عدد سكان بعض تلك الدويلات التي لها اعلام وسفارات وسلام رسمي، وهي أعضاء في هيئة الأمم، كذلك، بجانب الدول الكبرى التي تتحكم في مصائر الأرض. ولكن كل ذلك كان حتى تقوم وسط التمزق والتشرذم والتلاعن والتباغض بين حكام الدويلات دولة اليهود. وأغلب حكام هذه الدول او الدويلات ممن يوالون النصارى واليهود فيعتقدون بعقيدة النصارى القائلة بفصل الدين عن الحياة، وان الدين لا علاقة له بحياة الناس، فهم يبيحون الربا كما أباحه النصارى واليهود، ويبيحون الزنا كما أباحه النصارى واليهود، وينادون بالحرية الفردية التي لا تعرف القيود والحدود كما طبقها النصارى واليهود. وصدق رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حين قال: (لتتبعن سنن من كان قبلكم حذوك القذة بالقذة شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه)…! قالوا يارسول الله: اليهود والنصارى؟ قال: فمن إذن! وبذلك صدق قول الله تعالى: (ومن يتولهم منكم فانه منهم) لأنه آمن بعقيدتهم ونمط حياتهم، وبالرغم من الهزائم المتلاحقة التي لحقت الامة على أيدي من والى اليهود والنصارى فقد استمروا في (طغيانهم يعمهون) فلم يغيروا انظمة الكفر ولم يحرموا ما حرم الله ورسوله حتى يغير الله مابهم وما حل بأمتهم من هزائم.
ومضت هذه الفئة التي والت اليهود والنصارى الى ارضاء اليهود والنصارى حتى لم تترك طريقاً ترى فيه ارضاءاً لليهود والنصارى الا اتبعته. فحولت وسائل الاعلام في العالم الاسلام الى ادوات تهدم كل القيم التي تكونت منها أمتنا والتي استطاعت بها ان تكون (خير أمة اخرجت للناس) تهدي الضال وتدل الحائر وتطعم الجائع وتحسن لليتيم ولاتنسى البائس الفقير، ويتقدم الانسان في ظل هذه القيم بجهده وتقواه لا بعرقه ونسبه، يجعل العبادة لله وحده لا للزعيم ولا للقائد ولا للحزب ولا للمال ولا للشهوة ولا للعقل ولا للعلم، فيكون الانسان في ظل هذه حرا كما خلقه الله… قيود حريته خيوط تمتد الى منابع السماء فيها الفضيلة والرحمة والمحبة والايثار والاحسان الى ذوي القربى والجار ولو خالف دينك او لم يكن على عقيدتك. انها قيم تجعل الأسرة هي اللبنة في بناء المجتمع، اسرة متناسقة منسجمة لها قائد يقوم معوجها ويمنع انحرافها، فاذا اعوج قائد الاسرة تدخل ولي أمر المجتمع فحجز على السفيه ومنع تصرف المجنون، وهكذا تمشي الحياة في ظل القيم في انسياب رحيم وتساوق جميل، يعرف الانسان في ظل هذه القيم انه خلق لعبادة الله (وما خلقت الجن والإنس الا ليعبدون) فهو يأكل ليتقوى على العبادة، وهو يشرب خوفاً من ان يذوي. والعبادة ليست في الصلاة وحدها وليس في الصوم وحده، وانما العبادة في كل عمل يقوم به الانسان، فهو لا يغش لأن الغش حرام، وهو لايسرق لأن الله منع السرقة، وهو لايزني لأن الزنا مرفوض من الله، وهو يجاهد لأنه يريد ان يدخل الناس جميعاً في الخير الذي دخل فيه حتى يصل الناس جميعاً الى الله بسلام وأمن ومحبة. وهو لايخون امته لأن الخائن مرتد، وهو لايعين عدو امته لأنه بذلك يذهب الى النار، وهو لا يرابي لأن من رابى فقد أعلن الحرب على الله، ورسوله، ولايحتكر اقوات الناس لأن من احتكر فقد أخطأ كما ورد في الحديث (المحتكر خاطئ)، وهو لاينام على شبع وجيرانه جوعى، وذوو رحمه لا يجدون الطعام لأنه بذلك يكون قد خرج من حظيرة الايمان كما ورد في الحديث (ما آمن بي من بات شبعانا وجاره جائع الى جانبه وهو يعلم).
ففي ظل القيم الاسلامية يكون المال وسيلة لاشباع حاجات الانسان الضرورية بالطرق التي رسمها الشرع وما تبقى منه فهو للانفاق على الفقراء والمساكين وفي سبيل الله ووجوه الخير المختلفة، وفي ظل هذه القيم يتعلم الانسان الصدق لأن الكذب حرام، والوفاء واجب لأن الغدر حرام… وجاءت وسائل الاعلام لتنسف هذا كله او لتشوه هذا كله، فأخذت تقنع الناس بأن الربا ضرورد من ضرورات الحياة الاقتصادية وان الناس لا يعيشون بغير ربا… وغرق الناس او كثير من الناس في الربا. وبدأوا يذوقون القلق ويعرفون الارق تلاحقهم الاقساط وتلهب ظهورهم الكمبيالات. والمرابي لايرحم ولو أدى بالانسان الى بيع أثاث بيته. انه يريد الربا ويريد المال… أما الرحمة واما النظرة الى ميسرة فهي أليق بالمؤمنين، اما المرابي فهو انسان اخر لايهمه عذاب الانسان ولا جوع الاطفال ولا تحطيم الأسر، وكلما ازداد أكله للربا ازداد تحجر العاطفة في نفسه، فهو لايرحم ولايشفق الا لمصلحة يراها او ربا صوب نحوه ليقتضيه او ليتظاهر بانه حمل وديع وانسان من اصحاب الخير. وبدخول الربا عرفت المجتمعات الاسلامية شقاء المجتمع الغربي الربوي، وبدأ الناس يعيشون في دوامة من الطمع والهلع، يذوي الخير في نفوسهم وتلاحقهم التعاسة والشقاء. وبدأت اكوارث الربوية تتوالى في بلاد المسلمين في حتمية الهية حيث يقول (يمحق الله الربا) (276: البقرة)، وتهاوت مؤسسات ربوية ضخمة معلنة افلاسها، وأممت مؤسسات ربوية كثيرة أخرى، وولول صغار المساهمين وتحسروا على مالهم الذي ضاع والذي محقق فيه الربا الحلال والحرام، وكثرت الامراض نتيجة للقلق وتنوعت، وتنوع معها العلاج وكثر، فهناك حبوب من أجل ان ينام الانسان وأخرى من أجل ان يستيقظ وثالثة من جل ان يخفف ضغط الدم ورابعة لتفتح الشهية وخامسة وسادسة الخ من الادوية والمسكنات. ومن المناظر المألوفة في مجتمعنا اليوم او في مجتمع التجار وأرباب الاموال ممن أبتلوا بالربا فانه اذا كسدت السوق لأمر او لآخر ترى التجار المقترضين وأرباب الاموال المرابين وقد علاهم الوجوم وعصرتهم الهموم، يقترض الواحد من جاره ليسدد القسط الذي حان موعده ثم يبيع حلي امرأته ثم لايجد شيئاً يبيعه او يقترض منه فيسقط صريع الربا في شلل او مرض وعندها يموت في سكتة قلبية. وراضاءاً لليهود والنصارى، اباحت الفئة المتعاونة معهم الاحتكار فأصبحت بلادنا في قبضة الشركات الاحتكارية، وأصبح كبار التجار يحزنون أقوات الشعب لدرجة انهم يرفضون السعر ليأخذوا بذلك ربحاً وفيراً حلالا أو حراماً فيبنون به القصور ويساهمون فيه في البنوك ويوسسون شركات الاحتكار وهكذا دواليك، ولا يهمهم بعد ذلك اشبع الناس ام جاعوا، اكتسوا ام عاشوا في الاثمال البالية والخرق المرقعة، وبعد ذلك يخروجون على الناس (بأعمال خير) ليخصصوا على الناس كما يزعمون فينشئون لهم اليانصيب الخيري ويتهافت الفقراء على شرائه طمعاً في الربح السريع ويحرمون اطفالهم كل اسبوع او كل شهر او كل اصدار من ثمن ورقة اليانصيب فيزدادون فقراً على فقرهم وجوعاً على جوعهم، وافتتحت نواد للقمار تقليداً لنوادي الغرب، هذه النوادي التي تتحطم فيها نفسية الانسان كرامة الانسان، وبعض نوادي القمار في أوروبا والغرب يعمرها اثرياء النفط فتنساب الاموال من بين أيديهم الىجيوب اليهود والنصارى لترتد عليا بعد ذلك طائرات تقصف ومدافع تدمر.
ومن المسارعة في ارضاء اليهود والنصارى هذه الأموال المكدسة في بنوك أوروبا وأمريكا، سواء للدول او للافراد الأثرياء، والتي تدعم عملات هذه الدول التي تتعاون مع اليهود لافنائنا واذلالنا، هذه الاموال، التي لا يمكاد يحصيها عدد، نفقد قيمتها مع الزمن نتيجة للتضخم النقدي وللأزمات الاقتصادية التي هي من مميزات النظام الرأسمالي في هذا العصر. وهكذا تفقد الامة ثروتها لأن الذين يريدون ارضاء اليهود والنصارى لايخططون لبناء امه قوية ولا لدحر ولا لاستخلاص حق.
وارضاء لليهود والنصارى، ومسارعة في ارضائهم، اصبحت دور السينما في العالم الاسلامي تعرض افلام الجنس، ومؤسسات التلفزيون تنافس السينما في هذا المضمار، والكل يعرض أفلام الجريمة والعنف، واطفالنا وأولادنا وبناتنا يرون فيتأثرون ويشاهدون فيقلدون كيف تتمرد المرأة على زوجها ويكف تحب جارها وكيف يخون الزوج زوجته وكيف يعاشر عشيقته، ويبيح صوت الوعاظ والمرشدين بالدعوة الى الفضيلة والتسمك بأهداب الدين، ويستمع الناس اليهم - هذا ان استمعوا - كأنها اصوات جاءت من المجهول فيكون لصوتهم صدى يلامس الآذان ولكنه لايدخل الى القلوب ولا يؤثر في تغيير منهج الحياة. وأصبح المجتمع يعاني من الشباب المراهق الذي يقلد افلام الكاوبوي وعصابات شيكاغو والجنس المستورد من هوليوود (وان كان الشباب اليوم بدأوا يعودون الى الله).
ومن المسارعة في ارضاء اليهود والنصارى اثارة النعرات القومية والوطنية والاقليمية والطائفية والمذهبية. من المعلوم ان الاسلام هو دين الله للناس كافة (وما أرسلناك الا رحمة للعالمين) فاذا اعتنقه الناس كانوا سواسية كأسنان المشط لا يتفاضلون الا بالتقوى. ومن المعلوم بالدين - بالضرورة - ان يكون للمسلمين امام واحد وخليفة واحد يسوسهم بأحكام الاسلام ويرعاهم برعاية القران وسنة رسول الله، صلى الله عليه وسلم. يقول الرسول، صلى الله عليه وسلم: (اذا بويع لإمامين فاقتلوا الآخر منهما). وحينما ذهبت دولة الاسلام وتآمر عليها اليهود والنصارى قسمت بلاد المسلمين الى دول ودويلات ومشيخات وامارات، وحكام هذه الدول او الدويلات والمشيخات والحارات كلهم ينادي بالوحدة وكلهم لا يريدها. الوحدة تعني الغاء امتيازات والغاء الجوازات وازالة الحدود وان تعود الامة - كما أراد الله - أمة واحدة: (ان هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون) (92: الانبياء)… فإرضاءاً لليهود والنصارى اصبحت القوميات تتقدم على الاسلام في بلاد المسلمين وهذا قومي عربي يتعرق بالعروبة كجنس وعرق (مع ان العروبة، بمعناها الثقافي واللغوي، هي وعاء الاسلام ومفروض علبي كل مسلم ان يعرف لغة القرآن، لان عبادته لا تصح الا باللغة العربية يقرأ بها القران)… وهذا تركي طوراني وآخر فارسي ورابع باكستاني وخامس وسادس… ومن العجيب انه في باكستان لما انفصلوا عن الهند باسم الاسلام ولم يطبقوا الاسلام في حياتهم فخافوا ان تسقط حجة التقسيم فجعلوا من الاسلام قومية، تحل محل القومية الهندية وهذا تحريف في الاسلام وتضليل للمسلمين، ولما كانت التجزئة في بلاد العرب على صورة ابشع من بقية بلاد الاسلام ركز اليهود والنصارى على تثبيتها. ففي بلاد الشام مثلاً انشئت اربع كيانات، اعطي قسم الجنوب الغربي من بلاد الشام (فلسطين) الى اليهود ليقيموا عليها دولتهم، وأعطي قسم الشمال الغربي (لبنان) منها الى النصارى، وأقاموا لهم فيه دولة، هذه الدولة او الدويلة عملت على اضطهاد المسلمين فيها مع انهم الأكثرية الساحقة من سكانها، وأنشئت امارة شرق الاردن في قسم الجنوب الشرقي من ديار الشام وبقيت سوريا الام في الجزء الشرقي من ديار الشام دولة وحدها، وقسمت جزيرة العرب الى امارات لاتكاد تحصى ويتيه فيها العد والمفروض ان تندمج كلها بكيان واحد كما ينبغي ان يندمج المغرب العربي الكبير بدويلاته الخمس لتكون وحدة جغرافية واحدة، وان تعود الوحدة الي شطري دولة باكستان وتضم اليها أفغانستان ويندمح الجميع من بلاد ايران كما تتوحد بلاد الشام مع العراق ويتوحد الجميع مع مصر والسودان وهكذا بقية بلاد المسلمين في أفريقيا وفي آسيا. عند ذلك نكون قد أعلنا الرفض وتمردنا على التجزئة والتقسيم ورفضنا العنعنات الاقليمية والنعرات القومية وعدنا الى محور قوتنا الاسلام يوحدنا ونكون في ظله كما أرادنا الله خير أمة أخرجت للناس.
إن الحكام الذين يتمسكون بأسباب الهزيمة والفرقة ومن لف لفهم من مسؤولين ومنتفعين من الذين يسارعون في ارضاء اليهود والنصارى قد قطعوا صلتهم بالله فلم يعودوا يخافونه وانما يخافون اليهود والنصارى. واذا سألتهم لم هذه المسارعة قالوا (نخشى ان تصيبنا دائرة) (52: المائدة). فهم يخافون على كراسيهم ويخافون على دنياهم وكأنهم في الدنيا خالدون ولذلك يقولون «نخشى ان تصيبنا دائرة». وهذا تصور منهم ان مصيرهم مرتبط بيد اعدائهم من اليهود والنصارى، اذا رضوا عنهم استمروا في سلطانهم وحكمهم او في ملذاتهم وامتيازاتهم، واذا غضبوا عليهم اصابتهم الدوائر من عزل واستبدال مع انهم لو توكلوا على الله فعملوا بما يرضي الله وتوحدوا على كلمة الاسلام فان الله يكفيهم شر عدوهم: (ومن يتوكل على الله فهو حسبه) (3: الطلاق). وما تعلقت امة ولا فرد ولاجماعة بالله فخذلها الله. ومن خوف الحكام كان التفريط في الأرض المقدسة والعمل لتثبيت دولة اسرائيل. وكان أشد الحكام (وطنية) او (تطرفا) ممن والى اليهود والنصارى ينادي بقرارات التقسيم ثم توالت الهزائم وسقطت قطع اخرى في أيدي العدو وبدأ اشدهم تطرفا ينادي باعادة ما أخذ عام 1967، او بالاحرى ما سلم عام 1967 حيث لم تحدث معركة حقيقية على جميع الجبهات المحيطة بدولة اليهود، وبدأت المطالبة تتقلص حتى وصلت الى كامب ديفيد حيث رأينا حاكما، ممن والى اليهود والنصارى، يعطي فلسطين كلها اليهود لليهود والى الابد (حسب تخيله) وكل ذلك لانه يخاف الحرب ويريد ان يمنع عن الامة الاستشهاد ويعلن الغاء الجهاد متحديا بذلك ربنا وعقيدتنا حيث الجهاد فريضة من فرائض الاسلام، وهو ذروة سنام الاسلام جعله الله مكرمة للمسلمين حتى يستشهدوا وينعموا في جنات نعيم. ولقد أمر الرسول، صلى الله عليه وسلم، ان يستمر الجهاد الى يوم القيامة حيث يقول: (الجهاد ماض الى يوم القيامة لا يبطله عدل عادل ولاجور جائر). ويقول الله تعالى (كتب عليكم القتال وهو كره لكم، وعسى ان تكرهوا شيئاً وهو خير لكم، وعسى ان تحبوا شيئاً وهو شر لكم، والله يعلم وانتم لاتعلمون) (216: البقرة) وتوهم هذا الحاكم انه يستطيع ان يقامر على عقيدة الامة وكتاب الله وحضارة الاسلام وان يجعل امتنا أرقاماً تافهة وعقولاً فارغة وان يغرقها في المتع الرخيصة والحياة المهترئة وان يفكك الأسرة ويحرم علينا الجنة حيث الجنة محرمة على الأذلاء يقول الله تعالى: (ان الذين توفاهم الملائكة ظالمي انفسهم قالوا: فيم كنتم؟ قالوا: كنا مستضعفين في الأرض. قالول: الم تكن ارض لله واسعة فتهاجروا فيها؟ فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا، الا المستضعفين من النساء والرجال والولدان، لايستطيعون حيلة ولايهدون سبيلا، فأولئك عسى الله ان يعفو عنهم، وكان الله عفوا غفورا) (97-99: النساء). ويتساءل سائل: اين يهاجر المسلم اليوم وقد انحرف الحكم بالاسلام في كل بلاد المسلمين فنقول له: ان الرسول، صلى الله عليه وسلم، أجاب عن ذلك بقوله: (لاهجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية). وهذا الحاكم، الذي قامر بحضارة المسلمين، اصابه الغرور فصدق تصفيق الجماهيري التي ساقها اعوانه لتصفق له وظن ان هذه الجماهير تؤيده حقيقة وهي جماهير مسكينة لاتدري ماذا تفعل، تساق الى المذبح وهي تصفق، ويتامر على مصيرها وهي ترقص، وصدق الله العظيم: (ام تحسب ان أكثرهم يسمعون اويعقلون، ان هم الا كالأنعام، بل هم أضل سبيلا) (44: الفرقان). والا فهل هناك عاقل من المسلمين المكلفين شرعاً يخرج ليستقبل أعداءه من اليهود هاتفاً بحياتهم وحياة زعمائهم الذين اغتصبوا ارضه وأذلوا قومه وهتكوا عرضه ودمروا المدارس بأطفالها وحرقوا القرى بمن فيها، وبقروا بطون الحبالى ولم يتورعوا عن بقر بطن الاطفال… هذه الجماهير التي كم صقفت لقاتليها ورقصت ل
عدل سابقا من قبل فايز سليمان في الجمعة 10 ديسمبر - 23:02 عدل 2 مرات (السبب : اضافة صورة)
مواضيع مماثلة
» الجزء الثامن هل انتصر اليهود في حروبهم مع المسلمين في هذا العصر
» الجزء الرابع الارض المباركة
» الجزء السادس القلة و الكثرة
» الجزء الرابع الارض المباركة
» الجزء السادس القلة و الكثرة
القادمون من المريخ :: المهم :: منوعات :: مجتمع :: دين :: كتاب زوال اسرائيل حتمية قرأنية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الإثنين 5 نوفمبر - 22:34 من طرف فايز سليمان
» هذا البيان لاثبات من يقوم بقصف اليرموك
الإثنين 5 نوفمبر - 22:32 من طرف فايز سليمان
» رفضًا لتصريحات محمود عبّاس
الأحد 4 نوفمبر - 12:13 من طرف سالي
» من قام بحادث رفح
الجمعة 2 نوفمبر - 0:06 من طرف فايز سليمان
» الجزء الثاني
الخميس 1 نوفمبر - 15:50 من طرف فايز سليمان
» هل تتذكرون
الخميس 1 نوفمبر - 15:36 من طرف فايز سليمان
» الفرقان الحق ( بدلاً عن القرأن )
الخميس 1 نوفمبر - 15:34 من طرف فايز سليمان
» خواني واخواتي
الخميس 1 نوفمبر - 15:31 من طرف فايز سليمان
» نقلا عن الأسبوع المصرية
الخميس 1 نوفمبر - 15:29 من طرف فايز سليمان