القادمون من المريخ
بقلوب ملؤها المحبة وأفئدة تنبض بالمودة
وكلمات تبحث عن روح الاخوة
نقول لك أهلا وسهلا زائرنا الكريم
اهلا بك بقلوبنا قبل حروفنا بكل سعادة وبكل عزة

ندعوك للتسجيل اذا احببت الانضمام لاسرتنا والمشاركة معنا
ولا تبخل علينا بمشاركاتك

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

القادمون من المريخ
بقلوب ملؤها المحبة وأفئدة تنبض بالمودة
وكلمات تبحث عن روح الاخوة
نقول لك أهلا وسهلا زائرنا الكريم
اهلا بك بقلوبنا قبل حروفنا بكل سعادة وبكل عزة

ندعوك للتسجيل اذا احببت الانضمام لاسرتنا والمشاركة معنا
ولا تبخل علينا بمشاركاتك
القادمون من المريخ
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

مواضيع مماثلة
المواضيع الأخيرة
» رام الله - وطن للأنباء - يوسف الشايب
تفاصيل عملية ميونخ I_icon_minitimeالإثنين 5 نوفمبر - 22:34 من طرف فايز سليمان

» هذا البيان لاثبات من يقوم بقصف اليرموك
تفاصيل عملية ميونخ I_icon_minitimeالإثنين 5 نوفمبر - 22:32 من طرف فايز سليمان

» رفضًا لتصريحات محمود عبّاس
تفاصيل عملية ميونخ I_icon_minitimeالأحد 4 نوفمبر - 12:13 من طرف سالي

» من قام بحادث رفح
تفاصيل عملية ميونخ I_icon_minitimeالجمعة 2 نوفمبر - 0:06 من طرف فايز سليمان

» الجزء الثاني
تفاصيل عملية ميونخ I_icon_minitimeالخميس 1 نوفمبر - 15:50 من طرف فايز سليمان

» هل تتذكرون
تفاصيل عملية ميونخ I_icon_minitimeالخميس 1 نوفمبر - 15:36 من طرف فايز سليمان

» الفرقان الحق ( بدلاً عن القرأن )
تفاصيل عملية ميونخ I_icon_minitimeالخميس 1 نوفمبر - 15:34 من طرف فايز سليمان

» خواني واخواتي
تفاصيل عملية ميونخ I_icon_minitimeالخميس 1 نوفمبر - 15:31 من طرف فايز سليمان

» نقلا عن الأسبوع المصرية
تفاصيل عملية ميونخ I_icon_minitimeالخميس 1 نوفمبر - 15:29 من طرف فايز سليمان

التبادل الاعلاني
احداث منتدى مجاني
تصويت

تفاصيل عملية ميونخ

2 مشترك

اذهب الى الأسفل

تفاصيل عملية ميونخ Empty تفاصيل عملية ميونخ

مُساهمة من طرف فايز سليمان الجمعة 11 ديسمبر - 12:26

تفاصيل "عملية ميونخ" كما وردت في مذكرات أبو داوود بكتابه " فلسطين من القدس إلى ميونخ"
*الأخ ابو داوود هو القائد العسكري والمخطط لـ"عملية ميونيخ"
تمهيـــد


تشرين الثاني 1971 من الواضح أن المقاومة لا تزال تدفع ثمن هزيمة الأردن حيث كانت تواجهنا صعوبات في تلك الفترة أولا : كانت روح انهزامية تسيطر على مواطنينا الواقعين تحت الاحتلال , استغل الإسرائيليون أحداث الأردن ليفككوا بكل هدوء العديد من خلايانا في الضفة الغربية بالإضافة إلى اعتقال الكثيرين من الشبان الذين كنا نعتمد عليهم لتوقيع العرائض ونقل الرسائل وفي غزة بادر الاحتلال إلى زيادة حملات القمع لمواجهة الانتفاضة المستمرة منذ سنتين وكان لحملة القمع اسم هو آرييل شارون الذي عمد إلي فتح جادات بعرض ثمانين مترا داخل مخيمات اللاجئين لتمكين جنوده من التدخل بسرعة اكبر وكانت محصلة الحملة في مخيم جباليا تدمير 1800 منزل وإجلاء 17 ألف عن بيوتهم بالقوة.

في هذه الأثناء كانت حركة الاستيطان مستمرة في الأراضي المحتلة وفي الخليل تم تحويل المسجد الإبراهيمي بصورة جزئية إلى كنيس, وتم إقامة مستعمرة كريات أربع فوق أراضيها المصادرة, وكانت الجرافات جاهزة للبدء ببناء مساكن إضافية من الأراضي التي يتم مصادرتها في مدن القدس وبيت لحم ورام الله وغيرها من المدن الفلسطينية للمهاجرين الجدد.

أما على الصعيد الاقتصادي فكان يتم توظيف الرساميل الإسرائيلية في الأراضي المحتلة طمعا في الأيدي العاملة الرخيصة وفي المقابل كانت الشركات العربية تصبح مدينة للصناعة الإسرائيلية كما كان يسمح للآلاف من الفلسطينيين بالانتقال صباحا للعمل في إسرائيل شرط العودة إلى الأراضي المحتلة عند المساء … وسط ذلك كله كانت الصحافة الغربية تدبج المقالات في مدح إسرائيل التي تحول الصحاري إلى جنان.

إن الأوضاع كهذه من شانها دك المعنويات لمواطنينا فساد الإرهاق شيئا فشيئا وقد فضل الآلاف من الفلسطينيين الهجرة إلى كندا وأوستراليا متى استطاعوا .

وكان السؤال الذي يتكرر على شفاه هؤلاء؟

-علام الصمود والمخاطرة إذا كانت المعركة خاسرة سلفا وان في المرحلة الآنية؟
كيف نرد نحن مقاتلي الخارج فيما أدى الانهيار في الأردن إلى إبعادنا اكثر عن أرضنا الفلسطينية ؟الواقع إن اكثر من 70 في المائة من هجماتنا كانت تنطلق من شرق الأردن فبعد طردنا لم يعد بمقدورنا العمل على أطول حدود للمواجهة مع العدو.

بقي جنوب لبنان الذي تحول بطبيعة الحال إلى جبهتنا الرئيسية.

لكن الإحباط تغلغل أيضا في قواعد الفدائيين التي التحق بها الناجون من الهزيمة الأردنية وهم يعانون من الإرهاق والانهيار المعنوي, ولكن بالنسبة إلينا المتأثرين بحرب الفيتنام كانت ارض لبنان مثالية لمضاعفة حرب الغوار ضد إسرائيل فلا حواجز طبيعية يمكن الجيش الإسرائيلي إن يحتمي, فمنطقة العرقوب لا تقدم مجالا سهلا لتحرك الدبابات العدوة كما أنها على اتصال مباشر بسوريا عبر شبكة من الطرق في الجبال ويمكن في غضون ساعات إرسال مئات العناصر من درعا أو من قواعدنا في الشام , أما صوب البحر فيمكن مشاهدة سلسلة من التضاريس الوعرة تطل على الجليل ويسهل الانطلاق منها في عمليات ليلية,وأخيرا وجود جيش احتياطي كبير من اللاجئين في الجوار الذي على الرغم من الهزيمة في الأردن نحتفظ ببعض الهالة والتأييد عندهم .

ولكن من أين ينبع إحباط فدائيينا ؟

أولا من الحدود التي فرضتها اتفاقية 1969 بين المقاومة والسلطات اللبنانية وهي تقر فقط لمقاتلينا بحق عبور جنوب لبنان من اجل القيام بعمليات داخل إسرائيل وعدم إقامة قواعد دائمة في المنطقتين الوسطى والساحلية وممنوع إطلاق صواريخ الكاتيوشا من الأراضي اللبنانية وكان الجيش اللبناني يبدي حرصا زائدا الأمر الذي يؤدي إلى صدامات مستمرة ومضايقات وحواجز تفتيش عسكرية مما كان يحد من تحركاتنا وعمليات نقل الأسلحة وتشابك ذلك مع مشاكل عدة داخلية في صفوف المقاومة , فمنذ الصيف كان يندر وجود من لا يعترض صراحة على قيادتنا العسكرية داخل وحداتنا المقاتلة فلم يكن أحد نسي بعد التردد وأخطاء التقدير التي أدت إلى الكارثة النهائية في الأردن وكان اشد المنتقدين هؤلاء الذين كانوا تابعين لقيادة أبو علي اياد ولم يكونوا يجدون العزاء لفقده لكن تمرد الفدائيين لم يكن ينبع فقط من الفشل والمرارة المتراكمين في العام 1971, كان يسود جو جديد إذ كان الكثيرون يطالبون بإعادة نظر جذرية في وسائل النضال ضد إسرائيل بدل القيام بالعمليات التقليدية يجب القيام بعمليات تضرب الإسرائيليين في القلب أو تطاول مصالحهم في العالم,لكن عرفات والضباط الأردنيين الذين التحقوا بحركتنا لم يكونوا يحلمون إلا بمزيد من "العسكرة" لفدائيينا.

وكانت هناك مشاكل اكثر جسامة أيضا إذ أن عمليات الثار الإسرائيلية إزاء تزايد عمليات فدائيينا في الجليل الأعلى لم تتأخر فقد اخترق مغاوير الجيش الحدود اللبنانية مرتين في يناير 1972 وقتل عشرون فدائيا وكان العقاب الأكثر قسوة في شباط فاستعمل الإسرائيليون الطيران والمدفعية و المدفعية لقصف منطقة العرقوب واحتلالها لمدة ثلاثة أيام وتكبد فدائييونا نحو مائة قتيل , كذلك حصلت غارة جوية على مخيم النبطية, باختصار بدون أسلحة ثقيلة ومضادات طيران لقي مقاتلونا معاملة اكثر قسوة وكان مستحيل أن يقوم فدائييونا بردود صاعقة متشابهة نظرا للألغام والحاجز الكهربائي لم يكن لدينا للرد على أعدائنا سوى أرجلنا.

وكان ضباط من العاصفة يأتون باستمرار شاكين أمرهم لأبو اياد فما كانوا يجهلون أن له اليد الطولى في اغتيال وصفي التل اكثر من أبو يوسف وهذا ما اكسبه شهرة اكبر فيما بينهم ,فلم يكن نادرا أن يأتي ضباط شباب من وحداتنا العاملة في الجنوب ليعرضوا عليه خدماتهم في بيروت قائلين"نحن نريد أن نتجند معك أبو اياد لاشك انك تخطط لبعض العمليات ونحن أنفسنا لدينا أفكار نستطيع مثلا اختطاف ضباط إسرائيليين من أي مكان في العالم فإذا أردت إنشاء فرق خاصة من الفدائيين يمكنك الاعتماد علينا .."

فيجيبهم : حسنا جهزوا أنفسكم إننا في صدد شيء ما.



نشـوء تنظيم أيلول اسود
كان يخشى إزاء هذه العوامل المجتمعة أن يعمد عدد من فدائيي العاصفة إلى تركنا لتأسيس تنظيم جديد نوع من فتح ثانية كنت أنا وأبو مازن وأبو اياد نتبادل الأحاديث في هذه المسالة وبعد هزيمة تموز التقى أبو اياد بهؤلاء الفدائيين وكان يصغي إليهم ويحاول أن يكون عما لهم, وبما أن هؤلاء من افضل العناصر الذين عملوا تحت إمرة أبو علي اياد فلماذا لا يوجه غضبهم ويستفاد منهم عبر جهاز عملياتي سري يرتبط بمخابراتنا وأجهزة مكافحة التجسس لدينا وكان أبو اياد قد وجد اسم هذا الجهاز :" أيلول اسود".

في تلك الفترة عدنا أنا وأبو اياد وأبو مازن نتساءل كيف نعيد الثقة إلى محاربينا بعد كل تلك المحن التي ألمت بهم بالطبع فكرنا انه ليس باختطاف الطائرات كما تفعل الجبهة الشعبية ولا بالانتقام لضحايانا في الأردن كما فعل علي حسن سلامة ضد النظام الأردني, كما أننا رأينا أن التعرض للشركات الأوربية التي تتعامل مع إسرائيل لن يخلق مشاكل كبيرة لأعدائنا المباشرين ودان أبو اياد هذا التصرف باعتباره سيؤثر على مواطنينا المهاجرين بقلة ثقة الدول فيهم وبالتالي صعوبة إيجاد عمل.

أما ما توصلنا إليه هو أننا يجب أن نوسع مسرح عملياتنا مع تحديد صارم للأهداف التي يجب اختيارها, واستنتجنا أن تركيز ضرباتنا على عملاء الموساد في أوروبا هو اكثر الأعمال فاعلية من كل النواحي .

كان هذا الأمر ضروريا, في الأسابيع التي تلت مقتل وصفي التل وخصوصا في أعياد نهاية السنة كان عددا كبيرا من الشبان الفلسطينيين الذين يدرسون في أوروبا يأتون إلى لبنان في محاولة للاتصال ب"أيلول اسود" كما كانوا يؤكدون ,وكنا نتعجب لعدم عودة هؤلاء الطلاب لإكمال دراستهم أو زيارة أهاليهم, لم نتأخر في إيجاد السبب وذلك بفضل عاطف بسيسو فقد اجبر الموساد بعضهم على استقاء معلومات حول نشاطاتنا في بيروت وهذا أعطاني فكرة :لم لا نجند هؤلاء الطلاب ونصنع منهم عملاء مزدوجين لنصل إلى الضباط المتعاملين معهم.

لم يوافقني أبو اياد بوابو مازن فحسب بل توصلنا الى المشروع الآتي:ان ننشئ على هامش جهازي الاستخبارات ومقاومة التجسس اللذين يديرهما أبو يوسف مجموعة "لمحاربة الموساد في أوروبا" وقررنا انه من الأفضل ان يعلم بها اقل عدد من القيادة.




جولات في أوروبا

استقلت من قيادة ميلشياتنا في لبنان حيث أعطاني ابو اياد المال لشراء الأسلحة اللازمة أما أبو مازن فقد ارصد لنا بعض المال كي نتمكن من فتح مخيم صغير للتدريب شمال صيدا.

في نهاية حزيران ذهبت الى ألمانيا في طريقي لبلغاريا للتفاوض على شراء مسدسات تحتوي على كاتم صوت من أجل عملياتنا وإيجاد طريقة لتهريبها لخلايانا المنوي إنشاؤها في أوروبا وهناك علمت بالنبأ الفاجعة: استشهاد غسان كنفاني أحد أشهر كتابنا ومعه ابنة أخته الشابة في انفجار محرك سيارته أمام منزله.

وفي أواسط شهر تموز 1972 ذهبت الى إيطاليا لمقابلة ابو اياد بناء على طلبه يرافقه فخري العمري ابو محمد وقد قدم ابو اياد عرضا للعمليات التي كنا نخطط لها ضد عملاء الموساد : العملية الأولى متوقعة في بلجيكا لكن كان واضحا انه بالمقارنة مع الاعتداء البشع الذي ذهب ضحيته غسان كنفاني في بيروت قبل بضعة أيام لم تكن مخططاتنا الموجهة ضد الموساد لترضيه فعلا.

فاقترح فخري الهجوم على مقر بعثة إسرائيلية في الخارج.

أجاب أبو أياد:لا سنثير عداء الدول المضيفة إما تصفية عملاء الاستخبارات فهذا النوع لا يثير مشاكل,ان دول الغرب قد اعتادت بعض الشيء على حروب الظل بين عملاء استخبارات الشرق والغرب تحديدا.

لكنني بدوري قلت:لا يمكننا الإصرار على القيام بحرب نظيفة ضد أعدائنا في حين ان الإسرائيليون لا يقيمون فرقا عندنا بين مدني وعسكري!سوف نفقد كل رصيدنا عند جماعتنا .

سال عندها ابو اياد: وماذا تقترح؟
-لم يكن هناك من خطة معينة في ذهني لكنني كنت اعرف شيئا:لا يمكننا البقاء حيث نحن .

كنت اشعر بشكل غامض ان شعبنا في ذلك الصيف ينتظر منا ان نشن حملة ثأر لما يعانيه من الإسرائيليين.

في ما بلغناه من حالة التصعيد لن يفيدنا ان نقتل هذا او ذاك من العملاء الإسرائيليين ثارا لضحايا الشعب الفلسطيني أنا لا اخذ في الاعتبار يأس مقاتلينا الذين لا حيلة لديهم في الرد على طيران العدو بل المدنيون أيضا إذا لم نتجاوب مع رغبتهم في الثار ستكون نهايتنا في حركة فتح وسيأخذ مكاننا آخرون.

- ثق يا أبو داود أننا في قيادة الحركة نعي هذه المشكلة لكن هناك معطيات أخرى في الحسبان فإذا كنا على الصعيد العسكري في اصعب الأوضاع إلا أننا نسجل ديبلوماسيا إنجازات مهمة عرفات مدعو للمرة الأولى من القيادة السوفيتية لزيارة موسكو.,كان متأكدا ان هناك اتفاقا لتزويدنا بمضادات طيران تزيد من إمكاناتنا الدفاعية.

توقف النقاش عند هذه النقطة كان على ابو اياد ان يزور وائل زعيتر في روما , وأعطاني فخري العمري التعليمات حول الرشاشات المجهزة بكاتم صوت التي كان يجب ان اطلبها من البلغار.

بدايـة الـطريـق لـ " مـيـونـخ "

التقينا ابو اياد لاحقا على رصيف مقهى في ساحة الروتوندا كنا نطالع الصحف الأجنبية والعربية وقد أغضبنا كثيرا ما قرأناه في إحدى المقالات الصغيرة ,إذ رفضت اللجنة الدولية للألعاب الأولمبية اشتراك فريق من الرياضيين الفلسطينيين في الألعاب الأولمبية التي ستجري في ميونخ .

لم يتعجب ابو اياد لقرار هذه الهيئة وقال : لقد بعثت منظمة التحرير برسالتين رسميتين الى اللجنة الأولمبية تطلب فيها إشراك لاعبينا في العاب ميونخ لكنها لم تتنازل وتبعث إلينا بأي رد فنحن غير موجودين بالنسبة إلى هذه المؤسسة المحترمة التي تدعي إنها غير سياسية.

فعلق فخري قائلا:
-عظيم بما انهم يرفضون مشاركة الفلسطينيين في الألعاب فلماذا لا نحاول الدخول بأساليبنا الخاصة إلى الحرم الأولمبي؟

فأساله ابو اياد: وماذا نفعل هناك؟

رد فخري: نحتجز الرياضيين الإسرائيليين.

قال أبو اياد : أنت مجنون !

عندها قلت بدوري: لا فكرة ابو محمد ليست عاطلة بما أن الإسرائيليين لا يحترمون شيئا فنحن سنتصرف كذلك علاوة على ذلك ان كل رياضييهم من العسكر, ان المسؤولين وكوادر الإسرائيليين الرياضية والمدربين ,المعالجين والرياضيين يأتون عمليا من مؤسسة أورد وينغايت ,وتحوي تجهيزات هائلة قرب البحر شمال تل أبيب وبحسب ما يوحي اسمها يقوم بالمهمات الإدارية والتنظيمية فيها قدامى ضباط الاستخبارات أو ضباط فرق المغاوير الخاصة وتدرب فيها كل أنواع الرياضات ولكن يجري فيها بشكل خاص إعداد المصارعين وأبطال الرماية.

كان ابو اياد يلتزم الصمت لكننا شعرنا ان الفكرة التي قدمها فخري أثارت اهتمامه وبعد قليل خرج عن صمته:

بما أننا حرمنا حتى من الهدنة الأولمبية فما من سبب لاحترامها ففي مقابل اكبر عدد من الرياضيين والموفدين الإسرائيليين الذين سنتمكن من احتجازهم سوف نفرض إطلاق العدد الملائم من معتقلينا في إسرائيل في الحقيقة هذا المشروع لا يشكو من شيء !

ثم استدار نحوي وقال:ميونخ تقع على طريقك الى بلغاريا من المفيد ان تقوم باستكشاف أولى … طبعا لا تنبس ببنت شفة لأي كان عن هذا الموضوع هل هذا واضح ؟

قلت:لن يكون هذا صعبا علي لكن لابد ان نكلم ابو مازن من اجل المال اللازم للعملية.

بالطبع ان احتجاز الرياضيين والموفدين الإسرائيليين لم تنبت فجأة من رؤوسنا فقط لان اللجنة الأولمبية تعاملت معنا كأننا غير موجودين بل أننا كنا ننوي الاستفادة من حضور وسائل الإعلام الدولية طوال فترة المسابقات كي نعطي قضيتنا صدى عالميا عندها سيطلع كل بيت في العالم على المأساة الفلسطينية .

سلكت الطريق الى بلغاريا وذلك في 17 تموز على الاوتوستراد كنت انطلق مسرعا قدر المستطاع, قلت في نفسي لايزال لدي وقت كاف لامضي نصف النهار على الاقل في ميونخ.

وصلت المدينة البافارية وبدأت فورا البحث عن خريطة مفصلة للمدينة واستحوذت على الوثائق المتوافرة وحتى تلك التي تخص الاولمبياد مثل لائحة الفنادق ومخطط وسائل النقل في المدينة وكتيبات عن توقيت الرحلات الجوية كما باشرت بالتعرف على شبكة المواصلات المحلية. لم اجد صعوبة في العثور على المجمع الأولمبي شمال المدينة, بدت ورشة ضخمة لم تنته الأعمال فيها وكانت القرية الأولمبية قائمة في جهتها الشمالية وهي التيس كانت تهمني أكثر كانت تبدو مثل مدينة منامة مؤلفة من ابنية تذكر بالأهرامات وايضا من ابنية اصغر وأقل ارتفاعا تتعرج فيها ممرات من الباطون على مستويات مختلفة ,وشلالات صغيرة وألوف الأشجار في تلك الساعة لم تكن القرية سوى خلية عمل ناشطة في طوابق الأبنية وفي الأقبية وحتى في عرض الممرات كان من المستحيل أن أتصور كيف سيبدو المكان حين تبدأ الألعاب وبالأخص كيف سيتم تأمين الحراسة على محيط القرية فانطلقت في تلك الأمسية الى بلغاريا.

تقابلت مرة أخرى مع ابو اياد يرافقه فخري العمري في صوفيا وبالطبع تناقشنا في مواضيع كثيرة كالبلاغ الذي سيسلمه الفدائيون الى السلطات الألمانية بعد ان يكونوا قد احتجزوا أكبر عدد ممكن من الإداريين والرياضيين الأسرائيليين واللائحة الدقيقة التي يجب ان تدونها استخباراتنا بما لا يقلل عن مئتي فلسطيني معتقل في إسرائيل والذين سنفرض إطلاق سراحهم وما يلزم من التدريبات الخاصة التي يجب ان يقوم بها رجالنا الذين سيشاركون في العملية. وبعد انتهاء عمله غادر ابو اياد وفخري الطائرة سوية إلا أنني اتفقت مع فخري على موعد في بداية الأسبوع المقبل أكون عندها في ميونخ ليلحق بي هو و رفيق الآخر.

اسـتطـلاع أولـي لـبـنـيـة الـعـمـلـية

يوم 7 آب وصل كل من فخري ورفيق آخر يدعى "تشي" الى ميونخ.

كان تشي واسمه يوسف نزال أحد ضباط العاصفة الشبان كانت قاعدته قرب النبطية وكان ممن يقومون بعمليات خلف الحدود مع إسرائيل وقد تدرب على يد أبو علي اياد وكان معه في تلال جرش وعجلون ونجا من الكارثة النهائية وأخيرا كان في عداد القادة الذين رأيتهم في بيروت بعد غارات الطيران الإسرائيلية في شباط 1972 وهم يتوسلون لأبواياد القيام بتنظيم شيء ما في مكان ما ليردوا الصاع صاعين, وهو مدعو لتسلم زمام القيادة العسكرية لفرقة الفدائيين الذين نتوقع إرسالهم الى ميونخ كان هذا الخيار جيدا , بما انه حاذق ومقاتل ممتاز في الوقت نفسه.

أما السلبية الوحيدة فهي ان تشي قصير القامة جدا وهذا عائق أكيد بالنسبة له ولزملائه عندما يضطرون لتسلق السياج الذي يعلو مترين ويحيط بالقرية .

قمت أنا ورفيقاي بزيارة المكان في وقت كانت الأعمال مازالت مستمرة وذهبنا لتفحص الشباك المعدنية عن كثب كنا متأكدين انه بغية الوصول إلى أي مكان داخل القرية لابد من تسلق السياج الحديدي العالي,لم يكن من الصعب تسلق السياج تدخل طرف حذائك في عينيات الشباك وتستند عليها ولكن المشكلة كانت انه بهذه الطريقة وتحت وزن الرجال والحقائب سوف يهتز السياج ويصدر صريرا وهذا غير مرغوب فيه لعملية تتطلب صمتا تاما .

قلت ليوسف: لا أرى سوى حلا واحدا, يجب ان تتدربوا على تسلق رجل بطولي تقريبا مثل أهل السيرك عندما يبنون أهرامات بشرية إذا تعلمتم ذلك يصبح الانتقال الى الجهة المقابلة سهلا بما انه يوجد عشب في الجهة الثانية .

الخـطـة الـعـسـكريـة لـلـعملية

شيئا فشيئا بدأت ترتسم معالم خطة العمل: ساعة تسللهم الى القرية الأولمبية يكون كل الفدائيين بثياب الرياضة وحتى إذا انتبه لهم لسوء حظهم الحراس فسيبدون وكأنهم رياضيون قفزوا فوق السور عائدين الى مقرهم وهذا يلغي تلقائيا مسالة ما اذا كان يجب ان يصل الفدائيون تلك الليلة كل من جهته او في مجموعات من اثنين او ثلاثة الى نقطة تجمع قرب السياج :سوف يتقدمون سويا مثل أي بعثة تعود بعد قضائها السهرة في المدينة كما اتفقنا ان عشرة رجال يكفون لاحتلال شقق الرياضيين الإسرائيليين الذين سيفاجئونهم خلال نومهم ,وسيحمل كل رجل بندقية (أ.ك.47) وقنبلة يدوية لم نكن نعلم بالضبط عدد الرياضيين الذين سترسلهم إسرائيل إلى الألعاب لكن حسب المعلومات التي حصل عليها فخري كنا نقدر عددهم بخمسة عشر يجب ان نضيف إليهم عددا مماثلا من المدربين والحكام والمسعفين على اختلافهم ,عشرة رجال لمراقبة ثلاثين محتجزا في عملية كنا نتوقع ان تدوم عدة ساعات كان هذا أمرا معقولا .

على أي حال كان تشي يقول لنا أن ليس في إمكاننا أن نفعل أكثر من هذا اذ علينا لن نحتاط بعدد اضافي من الرجال كي نعوض عن بعض تخلفات اللحظة الأخيرة الدائمة الإحتمال أثناء التدريبات أو في حال منع البعض من الدخول بسبب الجوازات المزورة .

في تلك الفترة لم يكن لدينا أكثر من خمسين متطوعا في مخيمنا في لبنان أكثر من ثلثهم مجندا لهذه العملية وقد كانت هناك مهمات أخرى نخطط لها في الأسابيع المقبلة.

وبالنسبة لتاريخ القيام بالعملية فقد قررنا ان ندع عدة أيام تمر بعد افتتاح الألعاب الرسمي في 26/8/1972 قبل ان نتحرك بذلك نستفيد من هذا الوقت لمراقبة الإجراءات الأمنية التي سيتخذها الألمان والتعرف على شقق لإسرائيليين.

في هذه المرحلة لم نكن نستطيع الذهاب إلى أبعد من ذلك في تقديراتنا, قضينا أنا وفخري وتشي الوقت المتبقي في درس كل أنواع الطرقات التي تؤدي الى القرية الأولمبية وفي تحديد فنادق مختلفة في ميونخ نوزع عليها رجالنا اثنين اثنين ومقاه أو مطاعم في المدينة سيمكث فيها كل منا في الساعات التي تسبق العملية وفي تاريخ 12/8 رحل فخري وتشي إلى ليبيا حيث كان يجب أن يوافيهما إلى أحد مخيماتنا فدائيونا الشبان الذين تم اختيارهم في مخيمنا الرئيسي في لبنان من اجل القيام بتدريبات مكثفة .

رسـم الأهـداف مـن الـعـمـلـية

من ناحيتي أنا عدت إلى بيروت التي غبت عنها شهر ونصف الشهر وقابلت أبو اياد الذي اخذ مني جواز السفر ويحتوي على التأشيرة الألمانية وذلك لفحصه من قبل خبراؤنا ويضعون نسخا منها على كدسه جوازات أردنية مزورة من اجل الفدائيين المختارين للعملية .

من جهتي عرضت عليه مخطط العملية الذي وضعته أنا وتشي ,كان أبو اياد مهتما بالإجراءات التي يجب اتباعها بغية تبادل المحتجزين بأولئك الذين كنا ننوي تحريرهم في إسرائيل اكثر مما كان يهتم بتفاصيل الشق العملياتي من الهجوم على القرية الأولمبية الذي عهد فيه إلينا.

كنا نتصور مسبقا عناد غولدا مائير لذا كنا نفكر في صيغة تراجع في حال رفض إنذارنا النهائي, في الواقع سوف يطالب الفدائيون في البداية ان يتمكنوا من السفر مع محتجزيهم الى وجهة يحددونها في حينه كنا نفكر في مصر لكن ما من شيء يمنعنا من إضافة بلدان أخرى سوف يعتقل هناك الرياضيون الذين نكون أسرناهم بصفتهم مواطنين من بلد عدو ويحررون فقط عند قبول السلطات الإسرائيلية القيام بالمبادلة وفي أسوأ الأحوال, وإذا وجدنا انهم شبه عسكريون كي لا نقول انهم عسكريون بصفة كاملة لن يكون عندها مصيرهم مختلفا عن مصير مقاومينا الفلسطينيين المعتقلين في إسرائيل.

أراني ابو اياد لائحة بأسماء المعتقلين الذين سوف يطالب فدائيونا باسم "أيلول اسود " بتحريرهم وكان قد دون فيها اكثر من مائتين من أسماء المقاومين الفلسطينيين كما كان على اللائحة اسم كوزو اوكاموتو الناجي الوحيد من اليابانيين الثلاثة الملتحقين بالجبهة الشعبية والذين قاموا بعملية اللد في نهاية أيار وكذلك أسماء ستة ضباط سوريين ولبنانيين أسرهم الإسرائيليون في حزيران.

وقد قررنا ان نختم أحد البلاغين اللذين سوف يوجههما الفدائيون الى السلطات الألمانية بنداء لتوحيد الثوار في العالم اجمع على ان يوقع (م أ أ د) أي منظمة أيلول الأسود الدولية .

في الواقع كنا نخطط لتوجيه بلاغين الأول يضرب على الآلة الكاتبة وبالإنجليزية يبلغ ساعة يكون رجالنا قد تسللوا الى القرية الأولمبية واحتجزوا اسراهم وترفق به لائحة بأسماء الأشخاص المطلوب الإفراج عنهم يحدد وقت الإنذار بساعة معينة أما البلاغ الثاني وهو معد لإعطاء مهلة إضافية فيصر وللسبب الذي ذكرناه سابقا على ان توضع الطائرات المطلوبة تحت تصرف فدائيينا واسراهم مع فرق أخر هو انه سيكون بالألمانية وسيكتب بقلم حبر ناشف ليعطي الإنطباع أنه حرر ميدانيا.

كنا نعمل جادين للتخطيط للعملية بأدق التفاصيل تاركين للصدفة اقل ما يمكن من العناصر بقي أننا كنا لا نزال نفتقد العنصر الأساسي لنجاح عملنا :الأسلحة كيف نهربها الى ألمانيا ؟ هذا كان السؤال الحرج على بعد أسبوعين من الألعاب كنا نخشى ان تصبح مدينة ميونخ تحت رقابة الشرطة الشديدة.إلا ان ابو اياد حسم الجواب بنفسه عندما قال سوف احضر لك الأسلحة بنفسي

التـجـهـيز لـتـنـفـيذ الـعـمـلـية

في 17/8 عدت الى ميونخ التي بدأت الوفود كما الصحافيون وفرق التلفزيون من العالم بالوصول واصبح الدخول الى القرية الأولمبية محدودا فعلى الداخل التعريف بنفسه وقد تم الإعلان عن توزيع البعثات في القرية , علمت عندئذ في أي مبنى بالضبط سيقيم الإسرائيليون كان ذلك في نهاية ممر للمشاة يسمى كونوليشتراسه في المجمع 31 في واجهة بناية ضخمة يشغلها ألمان شرقيين وهي قريبة من السياج الحديدي.

في ذلك الوقت عاود ابو اياد الاتصال وقد ترك لي رسالة يحدد لي موعدا يوم 24/8 في مطار فرانكفورت وقد حدد لي رقم الرحلة وساعة الوصول , وقد قررت الرحيل الى فرانكفورت قبل يوم من وصوله حتى لا أتأخر عليه ونزلت في فندق لست معروفا فيه هو فندق كونتيننتال, وأخيرا في اليوم التالي وصلت الى المطار قبل الموعد كي أتمكن من ملاحظة أي أمر غير طبيعي ,وصل أبو أياد برفقة شخصين آخرين امرأة وصديقه التاجر علي ابو اللبن وقد رايتهم يضعون حقائبهم على العربة كانت هناك خمسة منها وكلها متشابهة ,اتجه الثلاثة نحو الجمارك كان ابو اياد يبدو مرتاحا ولكن علي الذي كان يجر العربة يبدو مضطربا ينظر يمينا وشمالا ويدفع المسافرين أحيانا وبسبب توتر أعصابه استنتجت ان الأسلحة كانت هناك في تلك الحقائب, ومن خلف الزجاج استطعت ان أراقب المشهد.

كانت المرأة تلعب دور زوجة ابو اياد طلب رجال الجمارك من ابو اياد ان يفتح إحدى الحقائب وبدا بفتحها كانت تحتوي على ألبسة نسائية داخلية وبدا ابو اياد يبسط المحتويات مجاملا رجال الجمارك الذين يلوحون بأنهم قد رأوا ما فيه الكفاية عندها أعاد ابو اياد ترتيب الحقائب والخروج من المطار وقد كنت اتبعهم خوفا من ان يكونوا مراقبين واستمريت في مراقبتهم حتى بعد وصولهم للفندق بنحو ساعة .

ذهبت الى الفندق وقابلت ابو اياد الذي كان يرتاح أما المرأة واسمها جولييت فكانت في الغرفة المجاورة و أشار ابو اياد على الفور الى حيث وضعت الأسلحة كانت في حقيبتي سفر وقال:فكرت انك تستطيع نقلها هكذا بسهولة اكبر. فأجبته:حسنا فعلت لكنها ثقيلة الوزن !

وهتف ابو اياد:وماذا سيحدث لو كانت تحتوي على عشرة كلاشنيكوفات ؟

فتعجبت قائلا : ماذا ألا يوجد عشرة ؟

رد قائلا :متأسف يجب ان تتدبر آمرك بمجموعة من ثمانية فدائيين وليس عشرة كما كنا نتوقع أصلا إذ ان مشكلة قد حصلت أثناء التدريب في ليبيا .

هذه لم تكن سوى أولى الأخبار السيئة فقد وجدت في الحقائب ستة كلاشنيكوفات بدلا من ثمانية مع رشاشي كارل غوستاف كما نسوا القنابل اليدوية فتذمرت قائلا من العبث مع مجموعة من ثمانية مقاتلين ان نطالب بثلاث طائرات كنا نحتاج الى ثلاثة رجال لكل طائرة لم يعد هذا ممكنا.

تنهد ابو اياد قائلا:حسنا لن نطلب سوى واحدة سأعمل على تصحيح البلاغين.

اتفقنا على اثر عودته الى بيروت سيبعث الي بعلي في أول طائرة ويجلب معه القنابل اليدوية. كما قمت أنا وعلي بنقل الأسلحة الى ميونخ بحقائب ملفات التي لا يفتشها الألمان في محطات القطارات لتخبئتها في خزائن الودائع.

يوم 26/8 يوم افتتاح الألعاب وصلتني حقيبة القنابل اليدوية وعددها عشرة ولم يعد لدي سوى انتظار قائدي المجموعة الفدائية.

في ذلك المساء شاهدت على التلفزيون صور حفل افتتاح الألعاب الأولمبية وعندا كنت أشاهد اشاهد استعراض بعثات الدول لم اكن أتخيل أننا سنحصل وبفعل المصادفة الغريبة على مساعدة فريق من الرياضيين الأمريكيين وامرأة شابة من البعثة الإسرائيلية.

الاسـتـطـلاع الـنـهـائي لـمـوقـع الـعـمـلـيـة


لم يكن يزعجنا احتمال ان يصدم الرأي العام العالمي بالعملية المدوية التي نستعد للقيام بها, كنا مستعدين لأي عمل من اجل منع تناسي مصير شعب وطنه محتل محروم من دولة له,زد على ذلك ان اللجنة الأولمبية قررت إبعاد فريق روديسيا فلماذا لا تبعد الفريق الإسرائيلي أيضا؟

لهذا السبب لم أجد صعوبة في إقناع صديقة فلسطينية التي كنا نعرفها أنا وعائلتي في دمشق بمساعدتنا سألتها هل تتكلمين الألمانية؟

قالت أتدبر أمري .وقد صارحتها ولم أخف عنها مهمتي ولا العوائق التي كنت أواجهها في استطلاعي النهائي فقلت لها: بما انك تتكلمين الألمانية فقد تتمكنين من إقناع أحد الحراس على أحد مدخلي القرية بان يتركنا نمر أنا وأنت ,وأضفت ان هذا اكثر فاعلية مما حاولت القيام به أمس انا واثنين من مسئولي المجموعة الفدائية.

في الواقع حاولنا ان ندخل القرية ولكن محاولتنا باءت بالفشل الذريع حيث لم يكن المكان مفتوحا لكل من أراد الدخول ولم يكونوا يسمحون بالدخول إلا للرسميين أو الرياضيين أو أحد الصحفيين المعتمدين.


وقد اكتفينا بالسير على طول الطريق التي تحد القرية وما شاهدناه لم يكن دون المنفعة لم يكن هناك إجراءات أمنية مشددة لا أسلاك شائكة ولا حراس هنا او هناك ولا دوريات مع كلاب شرطة مثلا عند هبوط الليل ,باستثناء بعض الأمن الشبان الذين ينتقلون بشكل منتظم بواسطة الدراجات باختصار لم يكن هناك ما يشبه الموقع المحصن.

ولكن على الرغم من ذلك كان لا بد لنا من استكمال استطلاعنا داخل القرية ,فليس لدينا أدني فكرة عما سنقوم به بغية احتلال الجناح الذي يشغله الإسرائيليون على خريطة للمكان اقتطعتها من إحدى الجرائد كان يبدو موقع البناء بشكل واضح لكن المشكلة هي ان الجناح الذي يحمل رقم 31 كان مسكونا من الاوروغوانيين ومن بعثة هونغ كونغ أيضا ودون الإمعان في التفاصيل كيف نتجنب ان يخطئ الفدائيون الشقق؟

ذهبت انا وسهام الى القرية من مدخل جانبي ووفق سيناريو وضعناه سويا بعدما رأينا قبل بضع دقائق رياضيين برازيليين يعودون الى شققهم سالت سهام أحد الحراس:

صديقي برازيلي يعتقد انه تعرف على أحد رفاق مدرسته القدامى في الفريق الذي دخل لتوه هل يمكنك ان تدعنا ان ندخل لخمس دقائق, عشر دقائق على ابعد حد.

بعد تردد قليل وافق الحارس على الدخول ليس لأكثر من عشر دقائق,وإمعانا منا في الخداع أخذنا نحن الاثنين نجري بأقصى سرعة كي نوهمه أننا نحاول اللحاق بالبرازيليين ثم اختلطنا بجموع الرياضيين وأسرعنا في الاختفاء من الحراس.

سرنا بجانب الطريق المقابلة للمبنى 31 حيث توقفنا قليلا لنراقب المبنى الذي يشغله الإسرائيليون , المبنى متواضع, طويل مؤلف من طابقين أما الباب الزجاجي على طرف المبنى فكان يعطي انطباع انه المدخل الرئيسي غير أننا لم نستطع ان نحدد مكان إقامة الإسرائيليين من بقية الفرق التي تقيم في الجناح نفسه.

عندها قلت لسهام:تعالي لنذهب ونتحقق إذا كان المبنى الذي يشغله السعوديون والسودانيون يشبه هذا.
استعنت بالخريطة لأتبين ان هذا المبني على بعد مائة وخمسين مترا وقد صح ظني تماما فالهندسة هي عمليا مثل هندسة مكان إقامة الإسرائيليين.

استطعنا ان ندخل الى المبنى بعد ان ادعينا أننا لاتينيون نريد رؤية مسجد واستغليت دخولي للتفرس في المكان والتعرف عليه لابد ان مساكن الإسرائيليين بالشكل نفسه.

دامت زيارتنا عشرين دقيقة واعتذرنا للحارس الذي سمح لنا بالدخول.

في اليوم التالي عدت الى القرية مع مسئولي المجموعة الفدائية والهدف هذه المرة معاينة المبنى حيث يقيم الإسرائيليون, لم يبد لي من السهل احتلال كامل الشقق (6 شقق) دفعة واحدة وبثمانية رجال فقط كان يجب التحقق من هذه النقطة, دخلنا القرية بسهولة فالحارس قد تذكرني وبعد القليل من الكلام سمح لي بالدخول.

وقد بدأت الأمور تسير على أفضل ما يمكن, وهذا لم يكن شيئا بالنسبة لما كان ينتظرنا فما ان وصلنا الى المبنى 31 حتى رأيت فجأة امرأة سمراء تخرج من الباب الزجاجي الكبير ومن مظهرها عرفت أنها إحدى المرافقات فذهبت لملاقاتها وقلت لها:أنا بحلم بزيارة إسرائيل انا برازيلي مثل صديقي اللذين يرافقاني نتمنى الحصول على كراسات دعائية عن بلدكم وأعلاما نأخذها معنا.

قالت لنا :سأجدها لكم الحقوا بي, وعادت أدراجها الى الجناح الإسرائيلي ودخلنا القاعة وراءها حتى أنها رجتنا الدخول الى إحدى الشقق الأرضية, كان المبنى مثل المباني التي رايتها في المبنى السعودي أثاث فاقع الألوان ومطبخ بباب جرار وفسحة تستعمل كصالة طعام مع وجود فارق واحد هو درج لولبي داخلي وعند سؤالي عنه قالت إنها شقة دوبليكس أي شقة موزعة على طابقين وقد استطعنا ان نجعلها ترينا مكان مبيت الرياضيين وكان كل رياضيين اثنين يناما في غرفة واحدة واستطعنا ان نرى الطابق العلوي من الشقة حيث يحتوي على غرفتان واحدة تطل على الطريق والأخرى على الحديقة.

استغلينا غيابها لإحضار الأعلام لنلقي نظرة على القاعة ومخارجها فبالإضافة للسلم الذي يوصل للطابق العلوي كان هناك سلم يوصل للقبو ولكننا لم نجد في الطبقة الأرضية أي ممر او باب يوصل الى الشقق الأخرى.

عادت المرأة ولم يبق أمامنا إلا أن نشكرها وكانت لا تشك إطلاقا أنها سهلت مهمتنا بشكل كبير.

أصبحنا نعرف الآن أول أهداف مجموعة الفدائيين: السيطرة على تلك الشقة التي زرناها كانت الشقة معزولة بعض الشيء على طرف المبنى وتتحكم بأكبر عدد من المخارج وعند احتلال هذه الشقة واحتجاز ساكنيها يجمع فيها الفدائيون بقية الإسرائيليون الذين تم أسرهم في الشقق التي لا يمكن دخولها إلا من الخارج.

مساء ذلك الخميس 31/8 كنت مع رفيقي ننتظر بفارغ الصبر وصول بقية الفدائيين من ليبيا.

الخطة النهائية لتنفيذ العملية

مساء يوم السبت 2/9 عشية وصول الرجال الستة أجريت نقاشا معمقا انا وتشي ومحمد مصالحة حول مختلف جوانب المهمة التي تنتظرهما حتى تلك اللحظة لم يكونا يعرفا سوى الخطوط العريضة للعملية أي احتجاز اكبر عدد من الإسرائيليين في القرية بهدف مبادلتهم بمعتقلينا في إسرائيل , لكنني عملت على توضيح دور كل منهما و بحصولنا على البلاغات ولائحة المعتقلين حددت لهما هامش المناورة في المفاوضات التي سيقومان بها عند نجاح عملية الاحتجاز. وأضفت ان ابو اياد لم يختركما لقيادة الفدائيين لتنتقما من البعثة الإسرائيلية إذ يجب ان لا يقتل او يجرح أحد , العملية التي تنتظركما هي عملية سياسية وليست عسكرية تعليماتنا لكما هي ان تأسرا هؤلاء الإسرائيليون أحياء , من المهم جدا أيضا ان تظهرا للرأي العام بمظهر المحاربين الغير قساة المتمالكين أنفسهم تماما.

أطلعتهما كذلك على البلاغين وورقتي الأسماء التي عليها اسم 236 معتقلا نريد إطلاق سراحهم حيث يجب ان تلحق القائمة بالبلاغ الأول, كما قلت لهما من اجل مصداقيتكما ومصداقية " أيلول اسود " يجب ان يفهم محاوروكما أنكما ستقتلون الأسرى في حال لم يتجاوبوا مع رغباتكم ولكن حتى بعد انتهاء المهلة الأولى في الساعة التاسعة صباحا والمهلة الثانية التي تستمر حتى الظهر ,نعطيكم الصلاحية في حال انقضت المهلة الأخيرة بان تؤجلوا تنفيذ تهديداتكم الى ابعد حد ممكن .

إلا ان تشي ومحمد مصالحة لم يتوانيا عن لفت انتباهي الى المرحلة الدقيقة في بداية العملية إذ ان لحظة دخولهم المكان سيفاجئون بعض الرياضيين وهم نيام لكن الآخرين قد يكونون ساهرين او يستيقظون اثر ضجة كسر الباب الرئيسي الزجاجي الذي قد يكون مقفلا , وبين أعضاء البعثة مصارعون ورافعو أثقال إضافة انهم أصحاب خبرة في مغاوير الجيش لن يكون من السهل ضبطهم.

اعترفت ان تلك اللحظات هي الأخطر في العملية :معكم الكلاشنيكوف كي توقفوا أسراكم عند حدهم إلا أنى أصر لا تفتحوا النار إلا إذا كنتم تعجزون عن أي شيء آخر.

ثم وصلنا الى المفاوضات التي يجب ان يقوموا بها مع السلطات المحلية فاطلعتهما ان عليهما المطالبة بثلاث طائرات للسفر الطويل لحظة تسليم البلاغ الأول كي يغادروا البلاد هم وأسراهم بغض النظر عن نتيجة المفاوضات التي ستجريها ألمانيا مع إسرائيل. وقلت: لسنا من السذاجة ان نظن ان غولدا مائير سوف تستجيب لطلباتنا فورا لذا من الأفضل ان تختفوا عند أول فرصة انتم وأسراكم وترحلوا الى القاهرة حيث تسلموا أسراكم الى المصريين وهم يفاوضون مكانكم على شروط التبادل. فسال تشي :ثلاث طائرات هل هذا ضروري.

فقلت:سؤال جيد يا تشي قررنا في السابق ان تكونوا عشرة لكن ابو اياد لم يجد متسعا لتعديل البلاغات تقيدوا بما تطلبه البلاغات وعند انتهاء المهلة الثانية يمكنكم التخفيف من مطالبكم وتكتفون بطائرتين لكنه من الضروري جدا ان تضعوا هذه الطائرات بتصرفكم ,ارفضوا أي اقتراح مغاير كالمال الوفير مقابل إطلاق سراح الأسرى او ضمان سلامتكما وسلامة بقية الفدائيين.

وأخيرا رجوتهما عدم الأفصاح عن وجودي لبقية الفدائيين المتوقع وصولهم في اليوم التالي وعدم ذكر مناقستنا هذه أمامهم.وأنهيت الحديث قائلا:سنعيد البحث أيضا مساء الاثنين.

على أنني قبل ان نفترق وزعت الأدوار بينهما في المرحلة اللاحقة من العملية,تشي مشهور بأنه محارب قديم عليه إذا ضبط الوضع العملياتي من الناحية التكتيكية, لكنني كنت أفضل الرفيق الآخر من أجل التفاوض مع السلطات المحلية لذلك عينت محمد مصالحة مسؤولا سياسيا عن المجموعة.

لا بد ان أقول بضع كلمات عن هذا الرجل الذي مثل تشي سوف يقتل اثناء العملية فقد سبق ان لقيته في لبنان الربيع الماضي وهو أحد ضباط العاصفة الشباب وقد تدرب على يد أبوعلي إياد وقد وضع نفسه مثل تشي تحت تصرف أبو إياد .

سوف يدهش القاريء:كان محمد يتكلم الألمانية وكنت اجهل هذا عندما كنا في ميونخ. كيف لي ان أعرف ذلك؟ خلال الثمانية الأيام التي قضيناها معا كنا نتناول وجبات الطعام سوية في المطاعم لم اسمعه يقول أي كلمة بالألمانية ولا حتى لنادل ما فهو لم يتكلم مع أي كان غيري أنا ويوسف.
لكننا عندما كنا نتناقش بدا لي من الناحية السياسية اكثر نضجا من تشي إضافة أنه كان رجلا هادئا بعكس يوسف الذي كان مقاتلا باسلا لكنه زلق اللسان أكثر ما يجب بالنسبة إلي وقد يثور غضبه أحيانا .

البـدء بتنفيـذ العملية

صباح 4/9 أعطيت الإشارة للاستعداد فاتصلت باكرا بتشي ومحمد في فندقهما أعلمتهما قائلا :نلتقي في المحطة بعد الظهر , وكنت قد اشتريت قبل يومين ثماني حقائب رياضية وبذلات تدريب كما اشتريت الكثير من الجوارب ليستعملوها كغطاء للرأس وعدة امتار من الحبال وسكاكين وأمواس حلاقة وعدة للإسعافات الأولية ومؤنه من المعلبات الغذائية تكفيهم ليومين أو ثلاثة تقريبا ,

والتقيت لاحقا قائدي المجموعة في المحطة وهما كانا قد ذهبا لتناول الغداء مع الرجال الذين وصلوا مساء أمس وأعادوهم بعدها إلى فنادقهم ,توجهنا نحن الثلاثة لأخذ حقائب الأسلحة المخبأة في خزانات الودائع ثم أخذناها إلى فندقي المعتاد "ادن والف" وقمنا بتوضيب الأسلحة في الحقائب الرياضية كل رشاش لكل حقيبة مع مخازن الرصاص وقنبلة او قنبلتين كما أضفنا السندويشات التي قمت بتحضيرها وبقية المؤونة التي اشتريتها في الصباح ومن ثم قمنا بتوزيع الحقائب على الفدائيين كل ثلاثة فدائيين في فندق منفصل عن بقية الفدائيين وبعد ان انتهينا حددت لهما موعدا الساعة التاسعة مساء للحضور مع الرفاق الستة يدفعون ايجار غرفهم ويتأكدون من عدم تركهم فيها أي شيء يثير الشبهات.

وفي الوقت المحدد حضر أفراد المجموعة وكانوا جميعهم قد لبسوا البذلات الملونة التي اشتريتها, فذهبنا مباشرة إلى مطعم المحطة الذي يبقى فاتحا أبوابه طوال الليل.

بإستثناء القائدين لم أكن أعرف أحدا من هؤلاء الفدائيين القادمين جميعهم من مخيمات لاجئينا في لبنان,لكنني لم أكن متأكدا من أحدا منهم لم يرني من قبل أثناء ترأسي "الشعبة 48" أو على رأس ميليشياتنا في لبنان,على أي حال قدمني تشي بأنني برازيلي أساعد الثورة الفلسطينية وحرصت بالتالي ألا أتكلم العربية.

وكما تفرض القاعدة في هذا النوع من العمليات كان هؤلاء الشبان الذين تلقوا تدريبا مكثفا في ليبيا يجهلون كل شيء عن حقيقة المهمة التي تنتظرهم لذا كان العرض الذي قام به قائدهما لهذه المهمة أثناء الأكل طويلا جدا من جهتي تدخلت قليلا مكتفيا بالتحقق عن استيعابهم الكامل للأمور التي تناقشنا فيها أول أمس.

لكنني في النهاية تكلمت موضحا بعض النقاط الأولى وقد شددت عليها قبل يومين: التعليمات تقضي ليس بقتل الأعداء بل بأخذ اسرى وبعمل كل ما يمكنهم لإبقاء الأسرى على قيد الحياة.

كذلك شددت على اعلامهم بأنه على الارجح قد لا يتمكنون من الحصول على إطلاق جميع المعتقلين وقلت لهم ليس العدد هو المهم, المهم أن تقبل إسرائيل بمبدأ المبادلة كما حذرتهم من بعض الافخاخ التي قد تنصب لهم: لاتدعونهم يخدعونكم بالاعتبارات الانسانية ولا تقبلوا بأي وساطة للصليب الأحمر وتابعت قائلا على أنكم لا تستطيعون رفض طلب الألمان للتحقق من وضع أسراكم لكن بإستثناء هذه الحالة التي يجب ألا تكرر وبشرط ان يقوم بها مسؤول رفيع المستوى لن تسمحوا لاحد اطلاقا بالدخول إلى الشقة التي تسيطرون عليها.

انهيت حديثي بلفت إنتباههم إلى وسائل النقل الي ستعرض عليهم لتقلهم إلى الطائرات التي ستوضع في تصرفهم كي يغادروا البلاد:إذا قدموا لكم باصات يستغرق وصولكم الى مطار ميونخ اربعين دقيقة اما اذا قدموا مروحيات فلن يلزمكم سوى مابين خمس إلى عشر دقائق فإذا كانت أوقات الإنتقال أطول مما أشرت اليكم فهذا يعني انهم يأخذوكم الى مكان آخر ان فخا ينصب لكم.

كانت الساعة الثانية والنصف صباحا عندما تركنا المطعم وطلبت من الجميع إعطائي جوازات سفرهم,وألا يبقوا معهم أي شيء يدل من أين أتوا, صعدنا في تاكسيات وإتجهنا الى القرية التي نزلنا على مسافة من المدخل الغربي كنا نريد التأكد ان كل شيء يبدو طبيعيا في المكان حيث كان علي ان أقوم بدور الارتكاز كي يعبر الجميع السياج المعدني الذي يعلو مترين ويحيط بالقرية.

الأسبوع المنصرم أتيت انا وقائدي الفدائيين عدة مرات لاستكشاف المكان وهو على مقربة من المدخل الغربي الذي لا يبقى مفتوحا في العادة إلا حتى منتصف الليل.
وعندما حضرت نفسي لأساعد الرجال في العبور رأينا على بعد عشرات الأمتار منا مجموعة من الناس تخرج من المبنى ثم آخرون يغنون ويقهقهون , وصرخ تشي:أمريكيون.

فأسالته:هل أنت متأكد؟قال :بالطبع مع هذه النبرة واللهجة المماثلة لا يمكن أن أخطي.

هاهم يصلون الى مدخل القرية والأبواب مقفلة بعض منهم بدأوا يحاولون تسلق السياج المشبك,كان هؤلاء من الرياضيين العائدين الى شققهم.

قلت لتشي:بسرعة لنلحق بهم ! اخبر الجميع إلا أنني شعرت انه متردد فالسياج عند المدخل أعلى مما حيث كنا.

فاستدركت قائلا:إسمع هذه فرصة ذهبية مع كل الضجة التي يحدثونها من الأفضل ان نندس بين هؤلاء الرياضيين

وفي حال وجود من يراقبنا لن يلاحظنا أحد.

لم نختلط بمجموعة الأمريكيين فحسب بل ساعدناهم أيضا في تسلق شباك المدخل, فشكرونا ظانين أننا فريق من الرياضيين,هكذا قمت أنا واثنين من الفدائيين برفع بعض منهم إلى فوق على أيدينا وأكتافنا والجميع يتابع الضحك والغناء وعند بلوغهم أعلى السياج لم يترددوا في مد يد العون إلى رجالنا وكانوا يصرخون:يا هذا اعطني حقيبتك!

وتشي الذي كان يفهم بالإشارة يجيبهم :أوكي ,أوكي ….

كان المنظر خياليا ان ترى هؤلاء الأمريكيين -الذين بالطبع لا يشكون إطلاقا في انهم يساعدون مجموعة من فدائيي "أيلول اسود" الفلسطينيين في الدخول إلى القرية الأولمبية – يمدون أيديهم يأخذون حقائبنا المليئة بالأسلحة ويضعونها على الجهة الأخرى من السياج.

كانت الساعة قد قاربت الرابعة صباحا, وكنت أميز رجالنا بصعوبة في ظلام الليل لكنني استدللت عليهم بصيحات الأمريكيين , ورأيت فدائيينا ينفصلون عنهم شيئا فشيئا ويتجهون بشكل مفاجئ نحو اليمين.
قلت في نفسي جيد بعد بضع دقائق يبدأون أما انا فابتعدت بسرعة.

عدت الى فندق متروبول في الرابعة والنصف حيث لم أتمكن من النوم كنت من وقت لآخر أدير الراديو أحاول ان استمع الى نشرات الأخبار ولكن لم يكن هناك سوى الموسيقى قضيت هكذا ساعة ثم ساعتين وفي أخبار الساعة السابعة لم يكن هناك من أخبار عن عمليتنا, هل يمكن ان يكون فدائيونا قد فشلوا ؟

كنت قد اتفقت مع تشي ومحمد مصالحة على أنني في جميع الحالات سأذهب باكرا في بين الساعة الثامنة والتاسعة الى محطة الباصات مع جوازات سفر الجميع حتى إذا فشلت العملية وتمكنوا من الخروج من القرية ينتظرونني هناك فأحاول عندها إخراجهم من البلاد.

إلا انه في أخبار الساعة الثامنة ورد الخبر:خمسة رجال مسلحين – من الفلسطينيين كما حدد الخبر – اقتحموا قبل الفجر بقليل شقق البعثة الأولمبية الإسرائيلية وقد قتل إسرائيلي واحتجز ثلاثة عشر آخرون وقد هدد الفدائيون في بلاغ إلى السلطات الألمانية بقتل الرهائن إذا لم يفرج عن عدد من المعتقلين الفلسطينيين في إسرائيل وعن أشخاص آخرين. قلت في نفسي:لقد قضي الأمر, عملية "أكرت وكفار برعم" قد انطلقت.

بعد سماعي مقتطفات الأخبار هذه,أثارت حيرتي ثلاثة عناصر فيها أولا بدا لي أن عدد الإسرائيليين المحتجزين قليلا:ثلاثة عشر وهو اقل من نصف ما كنت أتوقعه, ثم هناك الرجل الذي قتل:لماذا ؟وفي أي ظروف. أخيرا جرى الكلام عن مجموعة من خمسة فلسطينيين وليس ثمانية هل أخطأت الشرطة الالمانية في تقديراتها؟أم وجد ثلاثة من رجالنا في حمى المعركة مفصولين عن بقية الفدائيين؟ أسرعت إلى المحطة لعل الرفاق الثلاثة ينتظرونني هناك إلا أنني لم أرى أحدا وفكرت قائلا: لابد ان الرجال معا والشرطة تجهل قوة مجموعتنا الحقيقية.

كانت الساعة تجاوزت التاسعة لم أكن أشك ان الفدائيين قد اعطوا المهلة الاضافية النتفق عليهاحتى الظهر.
عند أخبار الساعة العاشرة استمعت إلى أل"بي بي سي" يبدو ان الأمور كانت تحدث وفق السيناريو الذي تخيلناه فقد مددت المهلة المحددة إلى الظهر وقامت بعثة مؤلفة من وزراء بافاريين ومصري من أعضاء اللجنة الأولمبية وألتقوا أحد مسؤولي الفدائيين وكان الأخير على اتصال دائم مع السلطات الألمانية عبر شرطية مترجمة.

إلا أن عدد الأسرى لم يكن سوى عشرة إذ تمكن
فايز سليمان
فايز سليمان
Admin

عدد المساهمات : 446
السٌّمعَة : 1
تاريخ التسجيل : 20/11/2009
العمر : 72

https://almrikheon.ahlamontada.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تفاصيل عملية ميونخ Empty صقر

مُساهمة من طرف maher_1481 الأحد 27 ديسمبر - 3:47

مشكور كتير يا سيد فايز على هالموضوع الجمبل
maher_1481
maher_1481
عضو غير نشيط
عضو غير نشيط

عدد المساهمات : 13
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 27/12/2009
العمر : 43
الموقع : syria

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى